٣٢ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ قَالَ: «وَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
- وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: «بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ».
مِنْ سِتِّ طُرُقٍ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ، لَمْ يَذْكُرْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، وَفِي بَعْضٍ: «وَمَسَحَ رَأْسَهُ حَتَّى لَمْ يَقْطُرْ».
٣٢ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ قَالَ: «وَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ - وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: «بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ» وَعَنْ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ "] هُوَ الْأَنْصَارِيُّ الْمَازِنِيُّ، مِنْ " مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ "، شَهِدَ " أُحُدًا " وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ " مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ "، وَشَارَكَهُ " وَحْشِيٌّ "، وَقُتِلَ " عَبْدُ اللَّهِ " يَوْمَ الْحَرَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ؛ وَهُوَ غَيْرُ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ "؛ الَّذِي يَأْتِي حَدِيثُهُ فِي الْآذَانِ، وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، فَلِذَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ. «فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ قَالَ: وَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَأْسِهِ؛ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
فَسَّرَ الْإِقْبَالَ بِهِمَا بِأَنَّهُ بَدَأَ مِنْ مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، فَإِنَّ الْإِقْبَالَ بِالْيَدِ إذَا كَانَ مُقَدَّمًا يَكُونُ مِنْ مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ.
إلَّا أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: [وَأَدْبَرَ بِيَدَيْهِ وَأَقْبَلَ] وَاللَّفْظُ الْآخَرُ فِي قَوْلِهِ [وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا] أَيْ الشَّيْخَيْنِ: «بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا أَيْ الْيَدَيْنِ إلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ».
الْحَدِيثُ يُفِيدُ صِفَةَ الْمَسْحِ لِلرَّأْسِ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ لِيَدَيْهِ فَيُقْبِلَ بِهِمَا وَيُدْبِرَ.
وَلِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
(الْأَوَّلُ): أَنْ يَبْدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ الَّذِي يَلِي الْوَجْهَ؛ فَيَذْهَبَ إلَى الْقَفَا؛ ثُمَّ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ؛ وَهُوَ مُبْتَدَأُ الشَّعْرِ مِنْ جِهَةِ الْوَجْهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعْطِيه ظَاهِرُ قَوْلِهِ: «بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ؛ ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ» إلَّا أَنَّهُ أُورِدَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّهُ أَدْبَرَ بِهِمَا وَأَقْبَلَ؛ لِأَنَّ ذَهَابَهُ إلَى جِهَةِ الْقَفَا إدْبَارٌ؛ وَرُجُوعَهُ إلَى جِهَةِ الْوَجْهِ إقْبَالٌ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، فَالتَّقْدِيرُ: وَأَدْبَرَ وَأَقْبَلَ.
أَنْ يَبْدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، وَيَمُرَّ إلَى جِهَةِ الْوَجْهِ؛ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى الْمُؤَخَّرِ؛ مُحَافَظَةً عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِ: أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَالْإِقْبَالُ إلَى مُقَدَّمِ الْوَجْهِ وَالْإِدْبَارُ إلَى نَاحِيَةِ الْمُؤَخَّرِ، وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، «بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ»، وَيُحَمَّلُ الِاخْتِلَافُ فِي لَفْظِ الْأَحَادِيثِ عَلَى تَعَدُّدِ الْحَالَاتِ. أَنْ يَبْدَأَ بِالنَّاصِيَةِ؛ وَيَذْهَبَ إلَى نَاحِيَةِ الْوَجْهِ، ثُمَّ يَذْهَبَ إلَى جِهَةِ مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ وَهُوَ النَّاصِيَةُ، وَلَعَلَّ قَائِلَ هَذَا قَصَدَ الْمُحَافَظَةَ عَلَى قَوْلِهِ: «بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ»،