للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْقَضِيَّةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ الْحَجُّ عَنْ الْمُكَلَّفِ إذَا كَانَ مَأْيُوسًا مِنْهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ مِثْلُ الشَّيْخُوخَةِ فَإِنَّهُ مَأْيُوسٌ زَوَالُهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ لِأَجْلِ مَرَضٍ أَوْ جُنُونٍ يُرْجَى بُرْؤُهُمَا فَلَا يَصِحُّ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ مَعَ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّحْجِيجِ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ عَدَمُ ثَبَاتِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْخَشْيَةُ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةٍ، فَمَنْ لَا يَضُرُّهُ الشَّدُّ كَاَلَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْمِحَفَّةِ لَا يُجْزِئُهُ حَجُّ الْغَيْرِ إلَّا أَنَّهُ ادَّعَى فِي الْبَحْرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الصِّحَّةَ وَهِيَ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ مَعَهَا قَاعِدًا شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالدَّلِيلُ مَعَ مَنْ ذَكَرْنَا. قِيلَ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إذَا تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِالْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْحَجُّ عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تُبَيِّنَ أَنَّ أَبَاهَا مُسْتَطِيعٌ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إلَّا الْإِجْزَاءُ لَا الْوُجُوبُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهَا قَدْ عَرَفَتْ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَى أَبِيهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهَا «إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ» فَإِنَّهَا عِبَارَةٌ دَالَّةٌ عَلَى عِلْمِهَا بِشَرْطِ دَلِيلِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الِاسْتِطَاعَةُ.

وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِإِجْزَاءِ الْحَجِّ عَنْ فَرِيضَةِ الْغَيْرِ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا عَنْ مَوْتٍ أَوْ عَدَمِ قُدْرَةِ مَنْ عَجَزَ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى جَوَازِ النِّيَابَةِ عَنْ الْغَيْرِ فِيهِ مُطْلَقًا لِلتَّوْسِيعِ فِي النَّفْلِ.

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْحَجَّ عَنْ فَرْضِ الْغَيْرِ لَا يُجْزِئُ أَحَدًا وَأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَخْتَصُّ بِصَاحِبَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِصَاصُ خِلَافَ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِزِيَادَةٍ رُوِيَتْ فِي الْحَدِيثِ بِلَفْظِ «حُجِّي عَنْهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَك» وَرُدَّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ رُوِيَتْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْوَلَدِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ وَقَدْ نَبَّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْعِلَّةِ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» كَمَا يَأْتِي فَجَعَلَهُ دَيْنًا وَالدَّيْنُ يَصِحُّ أَنْ يَقْضِيَهُ غَيْرُ الْوَلَدِ بِالِاتِّفَاقِ، وَمَا يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ شُبْرُمَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>