٦٧٠ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
(وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (أَنَّ امْرَأَةً) قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا وَلَا اسْمِ أُمِّهَا (مِنْ جُهَيْنَةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ فَنُونٌ اسْمُ قَبِيلَةٍ «جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ اقْضُوا اللَّهَ فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاذِرَ بِالْحَجِّ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ أَجْزَأَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَلَدُهُ وَقَرِيبُهُ، وَيُجْزِئُهُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْأَلْهَا حَجَّتْ عَنْ نَفْسِهَا أَمْ لَا وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ وَهُوَ يُجَوِّزُ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلُ دَيْنَ غَيْرِهِ قَبْلَ دَيْنِهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ شُبْرُمَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ حَجِّ مَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ مَالَهُ إلَى دَيْنِ غَيْرِهِ وَهُوَ مُطَالَبٌ بِدَيْنِ نَفْسِهِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقِيَاسِ، وَضَرَبَ الْمَثَلَ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ، وَتَشْبِيهُ الْمَجْهُولِ حُكْمُهُ بِالْمَعْلُومِ فَإِنَّهُ دَلَّ أَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ عَنْ الْمَيِّتِ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ مُتَقَرِّرًا، وَلِهَذَا حَسُنَ الْإِلْحَاقُ بِهِ. وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ التَّحْجِيجِ عَنْ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ أَوْصَى أَمْ لَمْ يُوصِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ قَضَاؤُهُ مُطْلَقًا وَكَذَا سَائِرُ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَنَحْوِهَا. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالشَّافِعِيُّ.
وَيَجِبُ إخْرَاجُ الْأُجْرَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَهُمْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} الْآيَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ خَصَّهُ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْكَافِرِ وَقِيلَ: اللَّامُ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} أَيْ عَلَيْهِمْ وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا فِي حَوَاشِي ضَوْءِ النَّهَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute