الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ، وَكَبَّرَهُ، وَهَلَّلَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، كُلُّ حَصَاةٍ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفَاضَ إلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلًا
(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ) عَبَّرَ بِالْمَاضِي؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ ذَلِكَ بَعْدَ تَقْضِي الْحَجَّ حِينَ سَأَلَهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (فَخَرَجْنَا مَعَهُ) أَيْ مِنْ الْمَدِينَةِ «حَتَّى إذَا أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ امْرَأَةُ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي» بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ ثُمَّ رَاءٍ هُوَ شَدُّ الْمَرْأَةِ عَلَى وَسَطِهَا شَيْئًا ثُمَّ تَأْخُذُ خِرْقَةً عَرِيضَةً تَجْعَلُهَا فِي مَحَلِّ الدَّمِ وَتَشُدُّ طَرَفَيْهَا مِنْ وَرَائِهَا وَمِنْ قُدَّامِهَا إلَى ذَلِكَ الَّذِي شَدَّتْهُ فِي وَسَطِهَا وَقَوْلُهُ (بِثَوْبٍ) بَيَانٌ لِمَا تَسْتَثْفِرُ بِهِ (وَأَحْرِمِي) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ النِّفَاسُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِحْرَامِ (وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ صَلَاةَ الْفَجْرِ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاَلَّذِي فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ الْخَامِسَةُ هِيَ الظُّهْرُ وَسَافَرَ بَعْدَهَا (فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ) بِفَتْحِ الْقَافِ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ فَوَاوٍ فَأَلِفٍ مَمْدُودَةٍ - وَقِيلَ: بِضَمِّ الْقَافِ مَقْصُورٍ وَخَطِئَ مَنْ قَالَهُ - لَقَبٌ لِنَاقَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حَتَّى إذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ) اسْمُ مَحَلٍّ (أَهَلَّ) رَفَعَ صَوْتَهُ (بِالتَّوْحِيدِ) أَيْ إفْرَادُ التَّلْبِيَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ بِقَوْلِهِ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ» وَكَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تُزِيدُ فِي التَّلْبِيَةِ: إلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ (أَنَّ الْحَمْدَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهُوَ التَّعْلِيلُ «وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك حَتَّى إذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ» أَيْ مَسَحَهُ بِيَدِهِ وَأَرَادَ بِهِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ.
وَأَطْلَقَ الرُّكْنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ غَلَبَ عَلَى الْيَمَانِيِّ (فَرَمَلَ) أَيْ فِي طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ أَيْ أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ مُهَرْوِلًا (ثَلَاثًا) أَيْ مَرَّاتٍ (وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ أَتَى مَقَامَ إبْرَاهِيمَ فَصَلَّى) رَكْعَتِي الطَّوَافِ (وَرَجَعَ إلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ) أَيْ بَابِ الْحَرَمِ (إلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا) أَيْ قَرُبَ مِنْ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}. «ابْدَءُوا فِي الْأَخْذِ فِي السَّعْيِ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَرَقَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute