. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِفَتْحِ الْقَافِ الصَّفَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ أَنْجَزَ وَعْدَهُ» بِإِظْهَارِهِ تَعَالَى لِلدِّينِ (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) يُرِيدُ بِهِ نَفْسَهُ (وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ) فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ (وَحْدَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ قِتَالِ الْآدَمِيِّينَ وَلَا سَبَبَ لِانْهِزَامِهِمْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} أَوْ الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ تَحَزَّبَ لِحَرْبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ هَزَمَهُمْ (ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) دَلَّ أَنَّهُ كَرَّرَ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ ثَلَاثَةً (ثُمَّ نَزَلَ مِنْ الصَّفَا) مُنْتَهِيًا (إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي) قَالَ عِيَاضٌ: فِيهِ إسْقَاطُ لَفْظَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا وَهِيَ حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فَرْمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي فَسَقَطَ لَفْظُ " رَمَلَ " قَالَ: وَقَدْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَكَذَا ذَكَرَهَا الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ (حَتَّى إذَا صَعِدَ) مِنْ بَطْنِ الْوَادِي (مَشَى إلَى الْمَرْوَةِ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا) مِنْ اسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ.
(فَذَكَرَ) أَيْ جَابِرٌ (الْحَدِيثَ) بِتَمَامِهِ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَحَلِّ الْحَاجَةِ (وَفِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ (فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ فَرَاءٍ وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِعَرَفَةَ مَاءٌ «تَوَجَّهُوا إلَى مِنًى وَرَكِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَ» بِفَتْحِ الْكَافِّ ثُمَّ مُثَلَّثِهِ لَبِثَ (قَلِيلًا) أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ (حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَجَازَ) أَيْ جَاوَزَ الْمُزْدَلِفَةَ وَلَمْ يَقِفْ بِهَا.
(حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ) أَيْ قَرُبَ مِنْهَا لَا أَنَّهُ دَخَلَهَا بِدَلِيلٍ (فَوَجَدَ الْقُبَّةَ) خَيْمَةٌ صَغِيرَةٌ (قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فَرَاءٍ فَتَاءِ تَأْنِيثٍ، مَحَلٌّ مَعْرُوفٌ (فَنَزَلَ بِهَا) فَإِنَّ نَمِرَةَ لَيْسَتْ مِنْ عَرَفَاتٍ (حَتَّى إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ) مُغَيِّرٌ صِيغَةً مُخَفِّفٌ الْحَاءَ الْمُهْمَلَةَ أَيْ وَضَعَ عَلَيْهَا رَحْلَهَا «فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي وَادِي عَرَفَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ جَمْعًا مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إلَى الصَّخَرَاتِ» وَجَعَلَ حَبْلَ فِيهِ ضَبْطَانِ بِالْجِيمِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ إمَّا مَفْتُوحَةٌ أَوْ سَاكِنَةٌ (الْمُشَاةِ) وَبِهَا ذِكْرُهُ فِي النِّهَايَةِ وَفَسَّرَهُ بِطَرِيقِهِمْ الَّذِي يَسْلُكُونَهُ فِي الرَّمَلِ وَقِيلَ: أَرَادَ صَفَّهُمْ وَمُجْتَمَعَهُمْ فِي مَشْيِهِمْ تَشْبِيهًا بِحَبْلِ الرَّمَلِ (بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ).
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ قَالَ: قِيلَ: صَوَابُهُ حِينَ غَابَ الْقُرْصُ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ بَيَانًا لِقَوْلِهِ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ فَإِنَّ هَذِهِ قَدْ تُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى مَغِيبِ مُعْظَمِ الْقُرْصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute