للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٣١ - وَعَنْ «جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: أَرَدْت الْخُرُوجَ إلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إذَا أَتَيْت وَكِيلِي بِخَيْبَرَ، فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ

يُوَكِّلَ كُلٌّ صَاحِبَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَعْمَلَ عَنْهُ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ وَيُعَيِّنَانِ الصَّنْعَةَ وَقَدْ ذَهَبَ إلَى صِحَّتِهَا الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى عَدَمِ صِحَّتِهَا لِبِنَائِهَا عَلَى الْغَرَرِ إذْ لَا يَقْطَعَانِ بِحُصُولِ الرِّبْحِ لِتَجْوِيزِ تَعَذُّرِ الْعَمَلِ وَبِقَوْلِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ حَزْمٍ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِالْأَبْدَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ أَصْلًا فَإِنْ وَقَعَتْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لَا تَلْزَمُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا كَسَبَ فَإِنْ اقْتَسَمَاهُ وَجَبَ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ مَا أَخَذَ وَإِلَّا بَدَّلَهُ لِأَنَّهَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ وَلَدِهِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَذْكُرْ عَنْ أَبِيهِ شَيْئًا فَقَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ قُلْت لِأَبِي عُبَيْدَةَ أَتَذْكُرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا قَالَ لَا وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَى مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ قَائِلٍ مَعَنَا وَمَعَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ إنَّ هَذِهِ شَرِكَةٌ لَا تَجُوزُ وَإِنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ بِمَا يُصِيبُ دُونَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ إلَّا السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ عَلَى الْخِلَافِ فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ غُلُولٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ لَوْ صَحَّ حَدِيثُهَا فَقَدْ أَبْطَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْزَلَ {قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الْآيَةَ فَأَبْطَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَسَّمَهَا وَهُوَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ. ثُمَّ إنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يُجِيزُونَ الشَّرِكَةَ فِي الِاصْطِيَادِ وَلَا يُجِيزُهَا الْمَالِكِيَّةُ فِي الْعَمَلِ فِي مَكَانَيْنِ فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ فِي الْحَدِيثِ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُمْ اهـ هَذَا وَقَدْ قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الشَّرِكَةَ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ أَطَالُوا فِيهَا وَفِي فُرُوعِهَا فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ فَلَا نُطِيلُ بِهَا.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الشَّرِكَةَ الصَّحِيحَةَ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِثْلَ مَا أَخْرَجَ صَاحِبُهُ ثُمَّ يَخْلِطُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ ثُمَّ يَتَصَرَّفَا جَمِيعًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ مَقَامَ نَفْسِهِ وَهَذِهِ تُسَمَّى شَرِكَةَ الْعِنَانِ، وَتَصِحُّ إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَقَلَّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ الْمَالِ وَيَكُونُ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَيَا سِلْعَةً بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ مِنْهُمَا فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ بِمِقْدَارِ مَا أَعْطَى مِنْ الثَّمَنِ، وَبُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا خَلَطَا الْمَالَيْنِ فَقَدْ صَارَتْ تِلْكَ الْجُمْلَةُ مُشَاعَةً بَيْنَهُمَا فَمَا ابْتَاعَا بِهَا فَمُشَاعٌ بَيْنَهُمَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَثَمَنُهُ وَرِبْحُهُ وَخُسْرَانُهُ مُشَاعٌ بَيْنَهُمَا وَمِثْلُهُ السِّلْعَةُ الَّتِي اشْتَرَيَاهَا فَإِنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الثَّمَنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>