. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهَلْ أَصَبْت الَّذِي أَصَبْت إلَّا مِنْ الصِّيَامِ " وَإِقْرَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عُذْرِهِ.
وَقَوْلُهُ: أَطْعِمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عُذْرٌ يُعْدَلُ مَعَهُ إلَى الْإِطْعَامِ.
(السَّابِعَةُ) أَنَّ النَّصَّ الْقُرْآنِيَّ وَالنَّبَوِيَّ صَرِيحٌ فِي إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا كَأَنَّهُ جَعَلَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ إطْعَامَ مِسْكِينٍ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا، أَوْ يَكْفِي إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا فَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ إلَى الْأَوَّلِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرِ إلَى الثَّانِي، وَأَنَّهُ يَكْفِي إطْعَامُ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ بِقَدْرِ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالُوا: لِأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مُسْتَحِقٌّ كَقَبْلِ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ تُغَايِرُ الْمَسَاكِينَ بِالذَّاتِ وَيُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كَالْقَوْلَيْنِ هَذَيْنِ وَالثَّالِثُ إنْ وَجَدَ غَيْرَ الْمِسْكِينِ لَمْ يَجُزْ الصَّرْفُ إلَيْهِ وَإِلَّا أَجْزَأَ إعَادَةُ الصَّرْفِ إلَيْهِ.
(الثَّامِنَةُ) اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْإِطْعَامِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ فَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سِتُّونَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ ذُرَةٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَالْمُدُّ رُبْعُ الصَّاعِ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ «أَطْعِمْ عَرَقًا مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا» وَالْعَرَقُ مِكْتَلٌ يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ هَذَا وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «اذْهَبْ إلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَقُلْ لَهُ فَلْيَدْفَعْهَا إلَيْك فَأَطْعِمْ عَنْك مِنْهَا وَسْقًا سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالُوا وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ «فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا» وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَقِ أَنَّهُ سِتُّونَ صَاعًا. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد أَنَّ الْعَرَقَ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا قَالَ أَبُو دَاوُد، وَهَذَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ وَلَمَّا اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَقِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ وَاضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ جَنَحَ الشَّافِعِيُّ إلَى التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ الْعَرَقُ السَّفِيفَةُ الَّتِي مِنْ الْخُوصِ فَيُتَّخَذُ مِنْهَا الْمَكَاتِلُ قَالَ وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ أَنَّهُ سِتُّونَ صَاعًا. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا. وَفِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا
فَذُكِرَ أَنَّ الْعَرَقَ يَخْتَلِفُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ قَالَ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى رِوَايَةِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا.
(قُلْت): يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ عَنْ الزَّائِدِ، وَهُوَ وَجْهُ التَّرْجِيحِ.
(التَّاسِعَةُ): وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَسْقُطُ جَمِيعُ أَنْوَاعِهَا بِالْعَجْزِ، وَفِيهِ خِلَافٌ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ إلَى عَدَمِ سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ لِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ «خُوَيْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ ظَاهَرَ مِنِّي زَوْجِي أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ إلَى أَنْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْتِقُ رَقَبَةً قَالَتْ لَا