. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَجِدُ قَالَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ إنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ يُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَتْ مَا عِنْدَهُ شَيْءٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ قَالَ فَإِنِّي سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ» الْحَدِيثَ فَلَوْ كَانَ يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْعَجْزِ لَأَبَانَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُعِنْهُ مِنْ عِنْدِهِ. وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَطَائِفَةٌ إلَى سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ كَمَا تَسْقُطُ الْوَاجِبَاتُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَعَنْ إبْدَالِهَا. وَقِيلَ: إنَّهَا تَسْقُطُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ بِالْعَجْزِ عَنْهَا لَا غَيْرُهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ قَالُوا: لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْمُجَامِعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَنْ يَأْكُلَ الْكَفَّارَةَ هُوَ وَعِيَالُهُ وَالرَّجُلُ لَا يَكُونُ مَصْرِفًا لِكَفَّارَتِهِ، وَقَالَ الْأَوَّلُونَ إنَّمَا حَلَّتْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ وَكَفَّرَ عَنْهُ الْغَيْرُ جَازَ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ وَلَهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ قَوْلَانِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَتْهُ الْهَادَوِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إذَا قَبَضَ الزَّكَاةَ مِنْ شَخْصٍ أَنْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ.
(الْعَاشِرَةُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ الْمُقَيَّدَ كَالظِّهَارِ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ إلَى مُدَّةٍ ثُمَّ أَصَابَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إذَا بَرَّ وَلَمْ يَحْنَثْ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إلَى اللَّيْلِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا، وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَقْرَبْهَا وَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ.
(فَائِدَةٌ): قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ آيَةِ الظِّهَارِ حَدِيثُ سَلَمَةَ هَذَا لِاتِّفَاقِ الْحُكْمَيْنِ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ سَبَبُ نُزُولِهَا قِصَّةُ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْإِرْشَادِ مِنْ حَدِيثِ «خُوَيْلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ (فِي وَاَللَّهِ وَفِي أَوْسٍ أَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الْمُجَادَلَةِ قَالَتْ كُنْت عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ، وَقَدْ ضَحَّوْا قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْته بِشَيْءٍ فَغَضِبَ، فَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ، فَإِذَا هُوَ يُرَاوِدُنِي عَنْ نَفْسِي قَالَتْ قُلْت كَلًّا وَاَلَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَخْلُصُ إلَيَّ، وَقَدْ قُلْت مَا قُلْت فَحَكَمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيهِمَا» - الْحَدِيثَ) رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ مَشْهُورٌ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِلَفْظِ الظِّهَارِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَكَانَ ظِهَارًا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَلَوْ ظَاهَرَ يُرِيدُ بِهِ طَلَاقًا كَانَ ظِهَارًا، وَلَوْ طَلَّقَ يُرِيدُ ظِهَارًا كَانَ طَلَاقًا، وَقَالَ أَحْمَدُ إذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَعَنَى بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ ظِهَارًا، وَلَا تَطْلُقُ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ بِأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنُسِخَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَادَ إلَى الْأَمْرِ الْمَنْسُوخِ وَأَيْضًا فَأَوْسٌ إنَّمَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الظِّهَارِ دُونَ الطَّلَاقِ وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي حُكْمِهِ فَلَمْ يَجُزْ جَعْلُهُ كِنَايَةً فِي الْحُكْمِ الَّذِي أَبْطَلَ اللَّهُ شَرْعَهُ وَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَحُكْمُهُ أَوْجَبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute