لازماً أو كاللازم.
يقول عبد القاهر: " واستعمال " مثل " و " غير " على هذا السبيل شيء مركوز في الطباع. وهو جار في عادة كل قوم، فأنت الآن إذا
تصفحتَ هذا الكلام وجدَت هذين الاسمين يُقدمان أبداً على الفعل إذا نحى بهما هذا النحو الذي ذكرتُ لك - يريد الكتاية بدون تعريض -
وترى هذا المعنى لا يستقيم فيهما إذا لم يُقدما، ورأيتَ كلاماً مقلوباً عن جهته، ومغيَّراً عن صورته، ورأيتَ اللفظ قد نبا عن معناه، ورأيتَ الطبع يأبى أن يرضاه ".
وهذا القانون الذي يخضع عبد القاهر " مثل " و " غير " تحته يتحقق بألا
يراد ب " مثل "، و " غير "، غير ما أضيفتا إليه - أي أريد بهما الكناية
بدون تعريض. مثل قول المتنبى يعزى عضد الدولة في أمه:
مِثْلُكَ يَثْنِى المزْنَ عَنْ صَوْبِهِ. . . وَيسترِدُّ الذمْعَ عَنْ غَرْبِهِ
وعبد القاهر - كما علمنا - يرجع السر في هذا التقديم إلى الطبع والعُرف
اللغوي، وجاء الخطيب وأشار إلى توجيه عبد القاهر.
ثم أخذ يلتمس وجهاً آخر خلاف ما ذكره عبد القاهر.
وقد تابعه السعد في المطول عند حديثه عن تقديم
" مثل " و " غير "، وخلاصة رأيهما:
قال الخطيب في الإيضاح: " والسر في ذلك أن تقديمهما يفيد تقوى الحكم
كما سبق تقديره - يريد تكرار الإسناد - وأن المطلوب بالكناية في قولنا:
مثلك لا يبخل وغيرك لا يجود، هو الحكم؛ وأن الكناية أبلغ من التصريح فيما قُصِدَ بها فكان تقديمهما أعون للمعنى الذي جلبا لأجله.