ثانياً - أسباب تقديم المسند:
يُقدم المسند على المسند إليه عند البلاغيين للأسباب الآتية:
١ - تخصيصه بالمسند إليه، نحو: (لكُمْ ديِنُكُمْ وَلِىَ ديِنِ) .
ولهذا لم يقُدم الظرف في قوله تعالى: (ذَلكَ الكتَابُ لاَ رَيبَ فيه) .
لئلا يفيد التقديم ثبوت الريب فيما عدا القرآن من كتَب الله المنزلة.
٢ - للتنبيه من أول الأمر على أنه خبر لا صفة، كقول الشاعر:
لهُ هِمَمٌ لاَ مُنْتَهَى لِكِبَارِهَا. . . وَهِمَّتُهُ الصُّغْرَى أجلُّ مِنَ البَحْرِ
ومنه قوله سبحانه: (وَلكُمْ فِى الأرْضِ مُسْتَقَرٌ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ) .
٣ - للتفاؤل به، كقول الشاعر:
* سَعِدَتْ بِغُرَةِ وَجْهِكَ الأيَّامُ *
وفي هذا المثال نظر حاصله: أن الاستشهاد به إنما يصلح إذا اعتبرنا الأيام
مبتدأ مؤخراً، والجملة قبله خبراً مقدماً. والتقدير: الأيام سعدت بغُرة وجهك.
وهذا الاعتبار ليس بلازم لجواز أن تكون الأيام فاعلاً لـ " سعدت ".
فلا تقديم حينئذ؛ فالأولى بهم أن يمثلوا للتفاؤل بما لا لبس فيه.
٤ - أو التشويق إلى ذكر المسند إليه كقول الشاعر:
ثَلاَثَة تُشْرِقُ الدنْيَا بِبِهَجَتِهَا. . . شمسُ الضحى وَأبُو إسْحقَ والقَمَرُ