أنبتت سبع سنابل، وكتشبيه طلع شجرة الزقوم برؤوس الشياطين،
وكتشبيه اهتزاز العصا باهتزاز الجان.
ولذلك كانت تشبيهات القرآن خالدة حية مستمرة الجدة والطرافة، والرقة
والجزالة، لأنها مصنوعة من مادة حية متجددة الرواء والنماء.
خامساً - غناء التشبيه والتمثيل القرآني:
إن جملة التشبيه والتمثيل في القرآن غنية بالمعاني الإضافية التي تقوى من
المعنى الذي من أجله صيغ التشبيه أو التمثيل ولم يُكتَف فيها بمجرد وجود
التشبيه بين الطرفين نفياً أو إثباتاً، ذماً أو مدحاً، وتقوم فواصل الآي في هذا
المجال بنصيب كبير.
ففى تمثيل الإنفاق الخالص بالسنبلة التي أنبتت سبع سنابل تجد وجه الشبه
هو الكثرة والنماء. فجاءت الفاصلة مع قرينتها وافية بهذا المعنى أيما وفاء،
(وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١) .
وفي تمثيل الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة جاءت الفاصلة مؤكدة لهذا المعنى: (أُصْلُهَا ثَابثٌ وَفَرْعُهَا فِي السماءِ) .
كما أكدت فاصلة تشبيه الكلمة الخبيثة المعنى حيث كانت: (اجْتُثتَ من
فَوْقِ الأرْضِ مَا لهَا مِن قَرَارٍ) .
ثم تأمل المقابلة الساحرة بين الموضعين: " أصلها ثابت " مع " اجتثت من
فوق الأرضِ "، و " فرعها في السماء " مع " ما لها من قرار ".
وإيثار لفظ مكان آخر يؤدى هذا الدور أيضاً، فقد جاء تشبيه الموج بالجبال، وتشببه السفن بها كذلك. ولكنه في جانب تشبيه الموج آثر كلمة: " الجبال "، وفي جانب تشبيه السفن بها آثر كلمة: " الأعلام " وأصل المعنى واحد.