وكانَ في بني إسرائيلَ رجل يُقالُ لهُ: جُرَيْجٌ، كانَ يُصلي، جاءَتْهُ أمهُ، فدَعَتْهُ [وهو في صَوْمَعةٍ ٢/ ٦٠]، فقالَ: أجِيبُها أو أصلِّي؟ (وفي طريق أخرى: اللهمَّ! أمي وصلاتي. قالت: يا جُرَيْجُ! قالَ: اللهمَّ! أمي وصلاتي)، [ثم أَتَتْهُ][قالت: يا جُرَيْجُ! قالَ: اللهُم أمي وصلاتي][فأبى أن يُجِيبَها ٣/ ١٠٨]، فقالَتِ: اللهُمَّ! لا تُمِتْهُ حتى تُرِيَهُ وجوهَ المُومِساتِ، وكانَ جريجٌ في صومعَتِهِ، [فقالتِ امرأةٌ][راعيةٌ ترعى الغَنَمَ:][لأفتِنَنَ جُريجاً]، فتعرَّضَتْ لهُ، فكلمَتْهُ، فأبى، فأتَتْ راعِياً، فأمْكَنَتْهُ مِن نفسِها، فوَلَدَتْ غُلاماً، [فقيلَ لها: ممن هذا الولدُ؟]، فقالت:{هو} من جُرَيْج، فأتَوهُ، فكَسَروا صَوْمَعَتَهُ، وأنزلوهُ، وسَبُّوهُ، فتوضأ وصلَّى، ثم أتى الغلامَ، فقالَ:[أين هذه التي تَزْعُمُ أنَّ ولدَها لي؟! قالَ:] مَن أبوكَ يا غُلامُ؟ فقالَ: الراعِي. قالوا: نبني صومَعَتَكَ مِن ذَهَبٍ؟ قالَ: لا؛ إلا مِن طِينٍ.
وكانَتِ امرأة تُرْضعُ ابْناً لها من بني إسرائيلَ، فمرَّ بها رَجُل راكِب، ذو شارَةٍ (٤٩)، فقالتِ: اللهُمَّ! اجعَلِ ابني مثلَه، فترَكَ ثديَها، وأقبلَ على الراكبِ فقالَ: اللهُمَّ! لا تَجْعَلْني مثلَه، ثم أقبلَ على ثَدْيِها يَمَصهُ -قالَ أبو هريرة رضيَ اللهُ عنه: كأني أنظرُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَمَصُّ أصْبُعَهُ- ثم مُرَّ بأَمةٍ [تُجَرَّر ويُلْعَبُ بها ٤/ ١٤٨]، فقالتِ: اللهُمَّ! لا تَجْعَلِ ابني مثلَ هذه، فتركَ ثَدْيَها فقالَ: اللهُمَّ! اجْعَلْني مثلَها، فقالَتْ: لمَ ذاك؟ فقالَ:[أمَّا]، الراكِبُ؛ [فإنه كافرٌ] جبَّارٌ من الجبابِرَةِ، و [أمَّا] هذه الأمَةُ؛ [فإنَّهم] يقولون [لها]: سرَقْتِ، [وتقولُ: حَسْبِيَ اللهُ، ويقولون:] زَنيتِ، [وتقولُ: حَسْبِيَ اللهُ]، ولم تفعَلْ".