أهلِه (٣٠)، فَقَالَ:"قد قضى؟ ". قالوا: لا يا رسولَ الله، فبكَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا رأَى القومُ بُكاءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بكَوْا، فقالَ:
"ألَا تَسمَعونَ؟ إن الله لا يُعذِّبُ بدمع العَينِ، ولا بحُزنِ القلبِ، ولكنْ يُعذِّبُ بهذا- وأشارَ إلى لسانهِ- أو يَرحمُ، وإنَّ الميِّتَ يُعذَّبُ ببكاءِ أهلِه عليهِ". وكانَ عُمرُ رضي الله عنه يَضربُ فيه بالعَصا، ويَرمي بالحجارةِ، ويَحثِي بالترابِ.
٤٥ - باب ما يُنهى عن النَّوْحِ والبكاءِ، والزَّجْرِ عن ذلك
٦٢٩ - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: لمَّا جاءَ قَتْلُ زَيدِ بن حارثةَ، وجعفرِ [بن أبي طالب ٥/ ٨٧]، وعبدِ الله بن رَوَاحةَ [رضي الله عنهم]، جلَسَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وأنا أَطَّلعُ مِن [صائِر الباب ٢/ ٨٣][تعني مِن] شَقِّ البابِ، فأتاهُ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ الله! إنَّ نساءَ جعفرٍ، [قال:] وذكَرَ بكاءَهُنَّ، فأمَرَهُ بأنْ يَنهاهُنَّ، فذهبَ الرجلُ، ثم أتى [الثانيةَ] فقالَ: قد نهَيتُهنَّ، وذكَرَ أَنَّهنَّ لم يُطِعْنَهُ، [قال:] فأمَرَهُ الثانيةَ أنْ يَنهاهُنَّ، فذهبَ، ثم أَتى [الثالثةَ] فقالَ: والله لقد غلَبْنني أو غَلَبْنَنَا - الشكُّ من محمدِ بن حَوْشَبٍ - فزعمتْ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"فاحْثُ في أَفواهِهنَّ التراب". [قالت عائشة:] فقلتُ: أَرْغَمَ الله أَنفَكَ، فواللهِ ما أنتَ بفاعلٍ، وما تركتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - منَ العَناءِ.
٤٦ - باب القيامِ للجنازَةِ
(قلت: أسند فيه حديث عامر بن ربيعة الآتي بعده).
(٣٠) هم الذين يغشونه للخدمة والزيارة. وسقط لفظ أهله من أكثر الروايات، فيجوز أن يراد بالغاشية من الكرب. ويؤيده رواية مسلم بلفظ: "في غشيته".