٣٠ - باب الصلاةُ من الإيمانِ، وقول الله تعالى:{وَمَا كانَ الله لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ}. يَعني صَلاتَكم عندَ الْبيتِ
٣٠ - عن البرَاء أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان أولَ ما قِدمَ المدينةَ نزَلَ على أجدادِه أو قالَ: أخوالهِ من الأَنصارِ، وأنه صلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقدِس ستةَ عشَرَ شهراً، أو سبعةَ عشَرَ شهراً، وكان يُعجبُه أن تكونَ قِبلتُه قِبَلَ الْبيتِ (وفي روايةٍ: وكان يحب أن يُوَجَّهَ إلى الكعبةِ ١/ ١٠٤)، وأَنَّه صلَّى أولَ صلاةٍ صلَاّها صلاةَ الْعصرِ، وصلَّى معَه قومٌ، فخرجَ رجلٌ ممن صلَّى معَه، فمرَّ على أهلِ مسجدٍ [من الأَنصارِ في صلاةِ العصرِ، نحو بيتِ المقدِسِ] وهمْ راكعونَ، فقالَ: أشهدُ بالله لقد صلَّيتُ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مكةَ، فداروا كما همْ قِبَلَ الْبيتِ [وهم ركوعٌ ٨/ ١٣٤]، [حتى توجَّهوا نحو الْبيت]، وكانتِ اليهودُ قد أَعجَبَهم إذ كان يُصَلِّي قِبَلَ بيتِ المقدسِ وأَهلُ الْكتابِ، فلمَّا ولَّى وجهَه قِبَلَ الْبيتِ أَنكروا ذلكَ، [فأَنزَل الله عز وجلَّ:{قدْ نرَى تَقَلبَ وجهِكَ في السماءِ} فتوجَّه نحوَ الْكعبةِ، وقال السفهاءُ من الناسِ- وهم اليهود-: {ما ولَاّهم عن قبلتهِم التي كانوا عليها، قل لله المشرقُ والمغربُ يهدي مَن يشاء إِلى صراطٍ مستقيم} ٧/ ١٠٤] [وكان الذي ٥/ ١٥١] ماتَ على القبلةِ قبْلَ أن تُحوَّل رجالٌ، وقُتِلوا، فلم ندرِ ما نقولُ فيهِم، فأَنزلَ الله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيم]}.