للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقَطَعتْ أسماءُ بنتُ أبى بكرٍ قِطْعَةً مِن نِطاقِها، فرَبَطَت (وفي روايةٍ: فأَوْكَتْ) بهِ على فَمِ الجِرابِ؛ فبذلك سُمِّيتْ ذاتَ النِّطاقِ (٦١).

قالتْ: [فرَكبا، فانْطَلَقا]، ثم لحِقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ بغارٍ في جبلٍ [يقالُ لهُ:] ثَوْرٌ، فكَمَنَا فيهِ ثلاثَ ليالٍ، يَبِيْتُ عندَهُما عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ، وهو غُلامٌ شابٌ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فيُدْلِجُ (٦٢) مِن عندِهِما بسَحَرٍ، فيُصْبِحُ معَ قريشٍ بمكةَ كبائِتٍ، فلا يسمعُ أمْراً يُكْتادانِ (وفي روايةٍ: يُكادانِ) بهِ إلا وَعَاهُ، حتى يأتيَهُما بخَبَرِ ذلك حينَ يخْتَلِطُ الظَّلامُ، ويَرْعى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ مولى أبي بكرٍ (وفي روايةٍ: كانَ غُلاماً لعبدِ اللهِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ، أخو عائشةَ لأمَها، وكانتْ لأبي بكرٍ) مِنْحَةٌ مِن غَنَم، ف [كانَ]، يُرِيحُها عليهِما حينَ تذهَبُ ساعةٌ مِن العِشاءِ، فيَبِيْتانِ في رِسْلٍ، وهو لَبَنُ مِنْحَتِهما، ورَضِيفُهما، حتى يَنعِقَ بها عامرُبنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يفْعَلُ ذلكَ في كُلِّ ليلةٍ مِن تلكَ الليالي الثلاثِ.

واستأْجَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ رجُلاً مِن بني الدِّيلِ، وهو من بني عبدِ بنِ عَدِىِّ؛ هادياً خِرّيتاً -والخِرِّيتُ: الماهرُ بالهِدايةِ- قذ غَمَسَ حِلْفاً (٦٣) في آلِ


(٦١) قوله: (ذات النطاق) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: "ذات النطاقين" بالتثنيه؛ كذا في (الشارح). و (النطاق): إزار فيه تكة تلبسه النساء. قوله: "ثقف" بهذا الضبط، وتسكن القاف، وتفتح: حاذق. و (لقن): سريع الفهم.
(٦٢) أي: يخرج. قال الشارح: "ولأبي ذرٍّ": "فيدّلج" بتشديد الدال"، وهو الأحسن، وهو الذي عليه شرح العينيّ، فإن الخروج في آخر الليل هو الادّلاج بالتشديد. وقوله: "كبائت"؛ أي: كالذي يبيت بمكة لشدة رجوعه بغلس، وهو ظلام آخر الليل. قوله: "يكتادان": يفتعلان من الكيد، مبنيٌّ للمفعول. قوله: "ورضيفهما" مجرور عطفاً على المضاف إليه، ومرفوع عطفاً على قوله: "وهو لبن"، وهو الموضوع فيه الحجارة المحماة لينعقد وتزول رخاوته. قوله: "حتى ينعق بها"؛ أي: يصيح بالغنم.
(٦٣) أي: غمس يده في شيء فيه تلوين؛ تأكيداً لحلفه على عادتهم في التحالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>