للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منهُم، فعَثَرَت بي فَرَسي، فخَرَرْتُ عنها، فقمْتُ، فأهْوَيْتُ يدي إلى كِنانَتي، فاسْتَخْرَجْتُ منها الأزْلامَ، فاسْتَقْسَمْتُ بها أضُرُّهُم أمْ لا؟ فخَرَجَ الذي أكْرَهُ، فرَكِبْتُ فرَسي، وعصَيْتُ الأزْلامَ، تُقَرِّبُ بي، حتَّى إذا سمِعْتُ قراءَةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يَلْتَفِتُ، وأبو بكر يُكْثِرُ الِالْتِفاتَ؛ ساخَتْ يَدا فرَسي في الأرضِ حتَّى بَلَغَتا الركْبَتَيْنِ (٦٧)، فخَرَرْتُ عنها، ثمَّ زَجَرْتُها، فنَهَضْتُ، فلمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يدَيها، فلمَّا استَوَتْ قائمةً؛ إذا لأثَرِ يدَيْها عُثَانٌ (٦٨)، ساطعٌ في السماءِ مثلُ الدُّخانِ، فاسْتَقْسَمْتُ بالأزْلامِ، فخَرَجَ الذي أكْرَهُ، فنادَيْتُهم بالأمانِ، فوَقَفُوا، فرَكِبْتُ فرسي حتَّى جِئْتُهم، ووقَعَ في نَفْسي حينَ لَقِيتُ ما لَقِيتُ مِن الحَبْسِ عنهُم؛ أنْ سَيَظْهَرُ أمرُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ لهُ: إنَّ قومَكَ قدْ جَعَلوا فيكَ الدِّيَةَ، وأخْبَرتُهم أخبارَ ما يُريدُ الناسُ بهِم، وعَرَضْت عليهِمُ الزَّادَ والمتاعَ، فلمْ يَرْزَآني (٦٩)، ولم يسأَلاني إلَّا أنْ قالَ: "أخْفِ عنَّا"، فسألتُهُ أنْ يَكْتُبَ لي كتابَ أمْنٍ، فأَمَرَ عامرَ بنَ فُهَيْرَةَ فكَتَبَ في وُقْعَةٍ مِن أَديمٍ، ثمَّ مضى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٧٠).


(٦٧) قلت: فيه دليل علىَّ أن ركبتي الفرس في مقدمتيه، وكذلك كلَّ ذوات الأربع؛ كالبعير، وقد خفيت هذه الحقيقة على بعض العلماء؛ كابن القيم الله تعالى، فسوَّد صفحات في بيان خطإ قول الراوي في الحديث الصحيح: "إذا سجد أحدكم؛ فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه). فزعم أنه مقلوب، وأن الصواب: "فيضع ركبتيه قبل يديه"، وأنكر قول من يقول "إن ركبتي البعير في مقدمتيه", مع أنه معروف في كتب اللغة؛ مثل "القاموس" وغيره وفي الاستعمال العربي؛ كهذا النص الصحيح. والعصمة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -.
(٦٨) أي: دخان من غير نار، وروي بدله: "غبار"، وهو مبتدأ، خبره قوله: "لأثر يديها"، و"إذا": كلمة مفاجأة، وهي جواب لمَّا. وقوله: "ساطع"؛ أي: منتشر مرتفع.
(٦٩) أي: لم يأخذا ولم ينقصا من الزاد والمتاع الذي معي شيئاً. (أديم)؛ أي: جلد مدبوغ.
(٧٠) هذا الحديث مما استدركه الحاكم (٣/ ٦ - ٧)، وهو وهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>