كَيْفَ تِيكُمْ؟ فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِىَ أَبَوَىَّ؟ قَالَتْ: و [أنا حينئذٍ] أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، [فجئتُ أَبَوَيَّ] , فَقُلْتُ لأُمِّى: يَا أُمَّتَاهُ! مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟! (وفى المعلقة: فَأَرْسَلَ مَعِى الْغُلَامَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِى السُّفْلِ، وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَقَالَتْ أُمِّى: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا، وَذَكَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّى) قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ! هَوِّنِى عَلَيْكِ (وفى روايةٍ: على نفسِكِ الشأنَ)، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً (٨٣) عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا [و] لَهَا ضَرَائِرُ إِلَاّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا (وفى المعلقة: إِلَاّ حَسَدْنَهَا، وَقِيلَ فِيهَا، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّى)، قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟! قَالَتْ: [قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِى؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: نَعَمْ؛ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَعْبَرْتُ، وَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِى وَهْوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ، فَقَالَ لأُمِّى: مَا شَأْنُهَا؟ قَالَتْ: بَلَغَهَا الَّذِى ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ؛ قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ أَىْ بُنَيَّةُ! إِلَاّ رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ]، فَبَكَيْتُ (وفى روايةٍ: فبِتُّ) تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِى.
قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ -حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ- يَسْأَلُهُمَا؟ وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ؛ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِى يَعْلَمُ لَهُمْ فِى نَفْسِهِ [من الوُدِّ]، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلَكَ، وَلَا نَعْلَمُ إِلَاّ خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِىٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ، فَقَالَ: أَىْ بَرِيرَةُ! هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ؟ قَالَتْ لَهُ
(٨٣) (وضيئة)؛ أي: حسنة جميلة. قوله: "إلا كثرن" ويروى: "أكثرن"؛ أي: القول الرديء عليها. قوله: "لا يرفأ"؛ أي: لا ينقطع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute