للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: أَنَا [وَاللَّهِ] يا رسولّ اللهِ! أَعْذِرُكَ [مِنْهُ]، فإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. قَالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ -وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهْوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهْوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ -فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ؛ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ -وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ- فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ؛ [والله] لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. قَالَتْ: فَثَارَ (وفى روايةٍ: فتثاور) الْحَيَّانِ: الأَوْسُ، وَالْخَزْرَجُ؛ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا [فى المسجِدِ , وما عَلِمْتُ]، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، [فنزلَ]، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ. قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِى ذَلِكَ كُلَّهُ، لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ.

قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا, لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّى لأَظُنُّ (وفى روايةٍ: يظنَّانِ) أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى، قالتْ: فَبَيْنَا أَبَوَاىَ جَالِسَانِ عِنْدِى، وَأَنَا أَبْكِى؛ فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ؛ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا [وقد صلَّى العصر] , [وقدِ اكْتَنَفَنى أبواىَ عن يميني وعن شِمالى] , فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى بِشَىْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم (وفى المعلقةِ: فَحَمِدَ اللهَ وأَثنَى عليهِ) حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ:

«أَمَّا بَعْدُ؛ يَا عَائِشَةُ! إِنَّهُ [قد] بلغنى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً؛

<<  <  ج: ص:  >  >>