للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللَّهِ.

وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَىْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ , فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِى حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِى شَيْئًا، فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ: بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ بِى حَتَّى أَسْرَعُوا, وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ (١٨٧)، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ -وَلَيْتَنِى فَعَلْتُ- فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِى النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطُفْتُ فِيهِمْ؛ أَحْزَنَنِى أَنِّى لَا أَرَى إِلَاّ رَجُلاً مَغْمُوصًا (١٨٨) عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ , فَقَالَ -وَهْوَ جَالِسٌ فِى الْقَوْمِ بِتَبُوكَ-:

«مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، وَنَظَرُهُ فِى عِطْفَيْهِ. فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَمَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَاّ خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِى أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلاً؛ حَضَرَنِى هَمِّى، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ، وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِى رَأْىٍ مِنْ أَهْلِى، فَلَمَّا قِيلَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا؛ زَاحَ عَنِّى الْبَاطِلُ ,


(١٨٧) أي: فات وسبق. و (الفرط): السبق.
(١٨٨) أي: متهماً به، مطعونًا عليه في دينه. قوله: "حبسه برداه"؛ أي: لباساه. (ونظره)؛ أي: وحبسه نظره. (في عطفيه)؛ أي: في جانبيه، وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>