للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا مَعِى أَحَدٌ؟ قَالُوا نَعَمْ؛ رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِىُّ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىُّ. فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ، قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا إِسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي.

وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ (١٩٠) مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِى نَفْسِى الأَرْضُ، فَمَا هِىَ الَّتِى أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، [حَتَّى طَالَ عَلَىَّ الأَمْرُ، وَمَا مِنْ شَىْءٍ أَهَمُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فَلَا يُصَلِّى عَلَىَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، فَلَا يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَا يُصَلِّى عَلَىَّ].

فَأَمَّا صَاحِبَاىَ؛ فَاسْتَكَانَا، وَقَعَدَا فِى بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا؛ فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ، وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِى الأَسْوَاقِ، وَلَا يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ، وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهْوَ فِى مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَىَّ أَمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّى قَرِيبًا مِنْهُ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِى أَقْبَلَ إِلَىَّ، وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّى، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَىَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ؛ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ (١٩١) جِدَارَ حَائِطِ أَبِى قَتَادَةَ -وَهْوَ ابْنُ عَمِّى، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ- فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَىَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ! أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ؛ هَلْ تَعْلَمُنِى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ، فَنَشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ، فَنَشَدْتُهُ. فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَاىَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ (١٩٢)


(١٩٠) بالرفع، وهو في موضع نصب على الاختصاص، أي: مخصصين بذلك دون بقية الناس.
(١٩١) أي: دخلت بستان أبي قتادة بالتسور؛ أي: بالصعود على سوره.
(١٩٢) أي: علوته للخروج من الحائط.

<<  <  ج: ص:  >  >>