اللهِ) أيُّ الناسِ أعلَمُ؟ فقالَ: أنا [أعلَمُ]. فعَتَبَ اللهُ عليهِ إذْ لمْ يَرُدَّ العلمَ إليهِ، فأوْحى اللهُ إليهِ: [بَلَى ٥/ ٢٣٤]؛ إنَّ لي عبداً [مِن عِبادي]، بمَجْمَعِ البحرين هو أعلَمُ منكَ. قالَ موسى: يا ربِّ! فكيفَ لي بهِ؟ (وفي روايةٍ: اجعلْ لي عَلَماً أَعْلَمُ ذلكَ منهُ)، قالَ: تأخُذُ معكَ حُوتاً، فتجْعَلُهُ في مِكْتَلٍ (وفي روايةٍ: خذْ نُوناً مَيِّتاً، حيثُ يُنْفَخُ فيهِ الرُّوحُ)، فَحَيْثُما فقدْتَ الحُوتَ فَهُوَ ثمَّ. فأخَذَ حُوتاً، فجَعَلَهُ في مِكْتَلٍ، ثمَّ انطلَقَ، وانطَلَقَ معهُ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بنِ نُونٍ، [فقالَ لِفتاهُ: لا أُكَلِّفُكَ إلا أنْ تُخْبِرَني بحيثُ يفارِقُكَ الحُوتُ. قالَ: ما كَلَّفْتَ كثيراً. فذلكَ قولُهُ جلَّ ذِكْرُهُ: {وإذْ قالَ موسى لِفَتَاهُ}؛ حتى إذا أتَيَا الصخرةَ؛ [فَنَزَلَا عندَها، قالَ: فـ] وضعَا رُؤوسَهُما، فناما [في ظِلِّ (الـ) صخرةِ في مكانٍ ثَرْيانَ]-[وفي حديثِ غيرِ عمرٍو: قالَ:- وفي أصلِ الصَّخْرَةِ عينٌ يُقالُ لها: الحَياةُ، لا يُصِيبُ مِن مائِها شيءٌ إلا حَيِيَ، فأصابَ الحُوتُ مِن ماءِ تلكَ العينِ، قالَ: فتَحَرَّكَ ٥/ ٢٣٤]، واضطَرَبَ (وفي روايةٍ: تَضَرَّبَ) الحوتُ في المِكْتَلِ، فخَرَجَ منهُ، فسقطَ في البَحْرِ، فاتَّخَذَ سبيلَهُ في البحْرِ سَرَباً، وأمْسَكَ اللهُ عن الحُوتِ جِرْيةَ الماءِ، فصارَ عليهِ مِثْلَ الطَّاقِ (وفي روايةٍ: كأنَّ أَثَرَهُ في جُحْرٍ. وحلَّقَ بينَ إِبْهَامَيْهِ واللتينِ تَلِيَانِهِما)، [وموسى نائمٌ، فقالَ فَتَاهُ: لا أُوقِظُهُ]، فلمَّا استَيْقَظَ؛ نَسِيَ صاحِبُهُ أنْ يُخْبِرَهُ بالحوتِ، فانْطَلَقا [يَمْشِيَانِ ٤/ ١٢٧] بَقيَّةَ يومِهما وليلَتِهما، حتَّى إذا كانَ مِن الغدِ؛ قالَ موسى لفتاهُ: {آتِنا غَدَاءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً}.
قالَ: ولم يَجِدْ موسى النَّصَبَ حتى جاوَزَ المكانَ الذي أمَرَ اللهُ بهِ، فقالَ لهُ فَتاهُ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا}.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute