للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

إن الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا، وسيئات أعمالِنا، من يهْدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لَا شريك له، وأشَهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه.

أما بعد؛ فلقد كان من العسير على أن أكتبَ مقدمةً لهذا المجلد الأخير من "مختصر صحيح الإمام البخاري"؛ لأسباب عديدة قد يظلُّ كثيرٌ منها طيّ الفكر وفي مكنون النفس، كنتُ أرجو أن يكتبَها مَن هو أهلُها؛ ليختم بها عمله العلمي النادر في هذا الكتاب العظيم؛ أصحَ الكتب بعد كتاب الله عزّ وجلّ، وليرى أمله يتحقق أمامه كاملاً؛ يختمُه بنفسه، ويمهرُه بتوقيعه، ولكن {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}. والحمد لله على كلَّ حال.

رحل الوالد الحبيب وأنا أعلم أن في باله أفكاراً عديدة ينوي كتابتها في المقدمة (١)؛ فضلاً عن ملاحظاته العلمية التي تفرضها الحاجةُ وقتَ صياغة المقدمة؛ كما كان يفعل دائماً في مقدماته ... ولقد كنتُ سجلتُ رؤوس أقلام في ورقة عنونْتُها: (أفكار لمقدمة المجلد الرابع)، كنتُ أضيف إليها ما أجده لازمًا ومفيداً ذكرُه في المقدمة أثناء عملي في تصحيح التجارب، حتى تجمّع لديّ فيها الكثير؛ احتفظتُ بها منتظرة ذاك اليوم الذي يعزم فيه الوالد الحبيب أن يكتب مقدمته، فيجد الأفكار جاهزةً، فيفرح لما جمعتُه، ويسّرتُ له تناوله؛ لأخفف عنه عبء البحث والتقاط الفوائد والأفكار الهامة؛ حرصاً على وقته وجهده أن يصرفَه فيما أستطيع أن أقوم أنا به، ثم أترك الأمر له هو فيفتح الله عليه بما شاء من فضله ومنّه.

لقد طالت مدة إعداد هذا المجلد لأسباب عديدة خارجة عن إرادتنا، مما أخّر صدوره وصدور المجلد الثالث الذي قبله والطبعة الجديدة للمجلد الأول، ولكنه {أمر قد قُدِر}، فقد مرت سنوات على استلامي لهذا المجلد لإعداده، وتراوح الأمر بين توقف واستمرار في العمل وعلى فترات متباينة ... ولهذا التأخير قصة أوجزُها قدر المستطاع:

كنا قد أتممنا الإعداد النهائي للمجلد الثالث للطبع أوائل سنة ١٤١٦هـ، ثم بدأنا العمل في هذا المجلد الرابع، مضينا في العمل بضعة شهور، وأنجزنا منه خلالها تصحيح بعض التجارب، وكنت دوماً أرجع إلى والدي بأسئلتي وملاحظاتي، إلى أن كانت مرحلة عرض التجربة ما قبل الأخيرة على الوالد للاطلاع عليها، وفي هذه المرحلة عادةً يعيد النظر مجدداً في كل شيء تقريباً، وكان لي فيها أيضاً أسئلة واستفسارات، وملاحظات واقتراحات، ولكنه


(١) من ذلك الردُّ على الذين ينتقدون اختصار الكتب -سيما الأمَّات-، وبيان خطأ هذا الانتقاد، وانظر للفائدة "مختصر صحيح مسلم"/ مقدمة المحقق (ص ٢٣ و ٢٤/ طبعة المعارف).

<<  <  ج: ص:  >  >>