للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَرَقُوا، فَقالَ عَنْبسَةُ بْنُ سَعِيدٍ: وَالله إنْ سَمِعْتُ كالْيَومِ قَطُّ، فَقُلْتُ: أتَرُدُّ عَلَىَّ حَدِيثي يَا عَنْبَسةُ؟ قالَ: لا، وَلَكِنْ جِئتَ بالحديثِ عَلَى وَجْهِهِ، وَاللهِ لَا يَزَالُ هَذَا الجُنْدُ بَخيرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ [ومثل هذا ٥/ ١٨٨] بَيْنَ أَظْهُرِهمْ.

قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ في هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، دَخَلَ عَلَيْه نَفَرٌ مِنَ الأَنْصارِ، فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنهم بَيْنَ أيْدِيهِم، فَقُتِلَ، فَخَرجُوا بَعْدَهُ، فإذا هُمْ بِصَاحِبِهم يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ (٩)، فَرَجَعُوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقالُوا: يَا رسولَ الله! صَاحِبُنَا كَانَ يَتَحَدَّثُ مَعَنَا، فَخَرَجَ بيْنَ أيْدِينا، فَإذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ، فَخَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "بِمَنْ تَظُنُّونَ أوْ تَرَوْنَ قَتلَهُ؟ ". قالُوا: نَرَى أنَّ اليَهُودَ قَتَلَتْهُ، فَأَرْسَلَ إلى اليَهُودِ فَدَعَاهُمْ، فَقالَ: "آنتُمْ قَتَلْتُم هَذَا؟ ". قَالُوا: لا، قالَ: "أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ (١٠) خَمْسينَ منَ اليَهُودِ مَا قَتَلُوهُ؟ "، فَقالُوا: مَا يُبَالُونَ أنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعينَ، ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ! قالَ: "أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بأيْمَانِ خَمْسينَ منْكُم؟ ". قَالُوا: مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ، فَوَدَاهُ مِن عندِه. (*)

قُلْتُ (١١): وَقَدْ كانَتْ هُذَيلٌ خَلَعُوا خليعاً (١٢) لَهُم في الجَاهِلِيَّةِ، فَطَرقَ أهْلَ


(٩) أي: يضطرب فيتمرغ في دمه.
(١٠) بفتح النون والفاء، وبالفتح والسكون، ومعناه: الحلف، وأصله النفي، وسمي اليمين في القسامة نفلاً لأن القصاص ينفى بها.
(*) وقد مضت هذه القصة في "٧٨ - الأدب/ ٨٩ - باب"، من حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة.
(١١) هذا من قول أبي قلابة، وهي قصة موصولة بالسند المذكور إلى أبي قلابة؛ لكنها مرسلة لأن أبا قلابة لم يدرك عمر.
(١٢) (خليعاً): فعيل بمعنى مفعول، يقال: تخالع القوم إذا نقضوا الحلف. فإذا فعلوا ذلك لم يطالبوا بجنايته، فكأنهم خلعوا اليمين التي كانوا لبسوها معه، ومنه سمي الأمير إذا عزل: خليعاً ومخلوعاً. "فتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>