الآخر مثلَهُ ٨/ ١٠٧)، فَقالَ:"يَا أَبَا مُوسَى، أَوْ يَا عَبْدَ الله بْنَ قيْس! "(٣)، قالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا في أَنْفُسِهِما، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ العَمَلَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ، فَقالَ:
"لَنْ -أَوْ لا- نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، (وفي روايةٍ: إنا لا نُوَلِّي هذا مَن سألَه، ولا من حرص عليه)، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى -أَوْ يَا عَبْدَ الله ابْنَ قَيْس- إلى اليَمَنِ"، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، [قال: وَبَعَثَ كلَّ واحد منهما على مِخْلافٍ، قالَ: واليمن مخلافان، ثم قالَ:
"يَسِّرا ولا تُعَسِّرا، وبشِّرا ولا تُنَفِّرا ٥/ ١٠٨]، [وتَطاوعَا ولا تختلِفَا ٤/ ٢٦] "، [فقالَ أبو موسى: يا نبىَّ الله! إنَّ أرضَنا بها شرابٌ من الشعيرِ: المزرُ، وشرابٌ من العسلِ: البتعُ]-[فقلتُ لأبي بُردةَ: ما البَتْعُ؟ قال: نبيذُ العسلِ، والمزرُ: نبيذُ الشعير]-[فقال:
"كلُّ مسكرٍ حرامٌ"].
[فانطلقَ كلُّ واحدٍ منهما إلى عَملهِ. قالَ: وكانَ كلُّ واحدٍ منهما إذا سارَ في أرضِه، وكانَ قريباً من صاحبِه، أحدثَ بهِ عهداً، فسلَّم عليه (وفي روايةٍ: وضربَ فسطاطاً، فجعلا يتزاوران)، فسارَ معاذٌ في أرضِه قريباً من صاحبه أبي موسى، فجاءَ يسيرُ على بغلَتِه حتى انْتهى إليه، وإذا هو جالسٌ، وقد اجتمع إليه الناسُ]، فَألقَى لَهُ وِسَادَةً، قالَ: انْزِلْ، وَإذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ [قد جُمِعَتْ يداهُ إلى عُنُقِهِ، فـ]