للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنار] مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ على النَّارِ، هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّار دُخُولاً الجنَّةَ، فيقولُ: أيْ ربِّ! اصْرِفْ وَجْهي عَنِ النَّارِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَني (١٧) ريحُها، وَأَحْرَقَني ذَكاؤُها، فَيَدْعُو اللهَ بِما شاءَ أنْ يَدْعُوهُ، ثُمَّ يقولُ الله: هَلْ عَسَيْتَ إنْ أُعْطِيتَ ذلك أنْ تسْأَلنَي غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لا وعِزَّتِكَ لا أسْأَلُك غَيْرَهُ، وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَواثيقَ ما شاءَ، فَيَصْرِفُ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذا أَقْبَلَ [به] على الجَنَّةِ وَرآها (وفي روايةٍ: رأى بهجتها)، سكَتَ ما شاءَ الله أنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يقولُ: أيْ رَبِّ قدِّمْني إلى بابِ الجَنَّةِ، فيقُولُ اللهُ له: ألَسْتَ قدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَواثيقَك أنْ لا تَسْأَلَني غَيْرَ الذي أُعْطِيتَ أبَداً؟ ويْلَكَ يا ابْنَ آدَمَ! ما أَغْدَرَكَ (١٨)! فيقُولُ: أيْ رَبِّ! وَيَدْعُو الله (وفي روايةٍ: فيقول: يا ربِّ! لا أكون أشقى خَلْقِكَ)، حتَّى يقولَ: هلْ عَسيْتَ إنْ أُعْطيتَ ذلك أنْ تسْألَ غَيْرَهُ؟ فيقول: لا وعِزَّتِك لا أسْألُكُ غَيْرَهُ، وَيُعطي ما شاء مِنْ عُهُودٍ ومواثيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إلى باب الجنَّة، فإذا قام إلى باب الجنَّةِ انفهقتْ (١٩) لَهُ الجنَّةُ، فرَأى ما فيها مِنَ الحَبْرَةِ (٢٠) والسُّرورِ، فَيَسْكُتُ، ما شاءَ الله أنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يقولُ: أيْ رَبِّ! أدْخِلْني الجنَّة، فيقُولُ الله: ألَسْتَ قدْ أعْطَيتَ عُهُودَك ومواثيقك أنْ لا تسْألَ غيْر ما أُعْطيْتَ؟ فيَقولُ: ويْلَكَ يا ابْن آدم! ما أغْدَرَكَ! فيقول: أيْ ربِّ! لا أَكُونَنَّ أشْقى خَلْقِكَ، فلا يَزالُ يَدْعُو حَتَّى يضحكَ اللهُ منه، فإذا ضحِكَ منه قال له: ادْخل الجنّة، فإذا دخلَها قالَ اللهُ له: تَمَنَّهْ، فسَأَلَ ربَّهُ وتَمَنّى، حتى إنّ الله ليُذَكِّرُهُ يقُولُ: [زد من كذا وكذا] كذا وكذا، حتَّى [إذا] انْقَطَعتْ بِهِ الأمانيُّ قال الله [تعالى]: ذلِكَ لكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ".


(١٧) قوله: (قد قشبني) أي: آذاني وأهلكني. اهـ.
(١٨) قوله: (ما أغدرك) فعل التعجب من الغدر، وهو ترك الوفاء بالعهد.
(١٩) قوله: (انفهقت) أي: انفتحت واتسعت. اهـ.
(٢٠) قوله: (من الحبرة) أي: سعة العيش، ورواية مسلم: (من الخير). اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>