(١٢) أي: ذكرت لإبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي- قول ابن عمر في ذلك، فقال إبراهيم: ما تصنع بقوله؟! ولم يقع في هذه الرواية قول ابن عمر المشار إليه، وإنما وقع ذلك في رواية أخرى تقدمت في "٥ - الغسل /١٢ - باب" عن ابن عمر قال: ما أحب أن أصبح محرماً أنضخ طيباً. زاد مسلم: لأن أطّليَ بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك. وفيها إنكار عائشة عليه فراجعه. قال الحافظ: "وكان ابن عمر يتبع في ذلك أباه، فإنه كان يكره استدامة الطيب بعد الإحرام كما سيأتي، وكانت تنكر عليه ذلك، وقد روى سعيد بن منصور من طريق عبد الله بن عبد الله بن عمر أن عائشة كانت تقول: لا بأس بأن يمس الطيب عند الإحرام، قال: فدعوت رجلاً وأنا جالس بجنب ابن عمر- فأرسلته إليها، وقد علمت قولها، ولكن أحببت أن يسمعه أبي! فجاءني رسولي فقال: إن عائشة تقول: لا بأس بالطيب عند الإحرام، فأصب ما بدا لك. قال: فسكت ابن عمر. وكذا كان سالم بن عبد الله بن عمر يخالف أباه وجده في ذلك لحديث عائشة، قال ابن عيينة: أخبرنا عمرو بن دينار عن سالم أنه ذكر قول عمر في الطيب، ثم قال: قالت: عائشة .. : فذكر الحديث، قال سالم: سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع". أقول: وهكذا فليكن تحقيق الاتباع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرحم الله أولئك الآباء الذين خلفوا أمثال هؤلاء الأبناء الذين يقدمون سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اجتهاد آبائهم. فأين منهم هؤلاء الخلف الذين تتضح لهم السنة الصريحة في المسألة، ثم لا يتبعونها، ويؤثرون عليها تقليد المذهب أو الجمهور بحجة أنهم أعلم منا بالسنة، أفلم يكن عمر وابنه عبد الله أعلم من عبد الله وسالم ابني عبد الله بن عمر بالسنة بصورة عامة، فما الذي حملهما على مخالفة أبويهما؟ أهو اعتقادهما أنهما أعلم منهما؟ حاشاهما من ذلك، وإنما هو ثبوت السنة لديهما، وليس معنى ذلك عندهما أنهما أعلم من أبويهما في كل ما سواها. فهل للمقلدين أن يعتبروا بذلك، ويفردوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاتباع؟ (١٣) وبيص الطيب: بريق أثره. و (المفرق): هو وسط الرأس، جمع تعميماً لجوانبه التي يفرق فيها.