للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجُعِلوا خلفَ ظهري عندَ كَتِفي، ثم قالَ لِترجُمانِهِ: قُل لأصحابِهِ: إني سائلٌ هذا الرجُلَ عن الذي يَزْعُمُ أنَهُ نبى، فإن كَذَبَ فكَذَبوهُ. قالَ أبو سفيانَ: واللهِ لولا الحياءُ يومَئذٍ مِن أن يأثُرَ (٥٨) أصحابي عني الكَذِبَ لكَذَبْتُه حين سألني عنه، ولكني استَحْيَيْتُ أن يأثُروا الكذبَ عني، فصَدَقْتُه، ثم [كان أولَ ما سألني عنه أن] قالَ لتَرْجُمانِه: قلْ لهُ: كيف نَسَبُ هذا الرجُلِ فيكُم؛ قلتُ: هو فينا ذو نَسَبٍ. قالَ: فهل قالَ هذا القولَ أحدٌ [قط] منكُم قبلَهُ؛ قلتُ: لا. فقالَ: [فهل] كنتُم تتهِمونَه على الكَذِب قبلَ أن يقولَ ما قالَ؟ قلتُ: لا. قالَ: فهل كانَ من آبائهِ مِن مَلِكٍ؟ قلتُ: لا. قالَ: فأشرافُ الناسِ يَتَبِعُونَهُ أم ضُعفاؤهُم؟ قلتُ: بل ضُعفاوهُم. قالَ: فيزيدونَ أو يَنْقُصونَ؛ قلتُ: بل يَزيدونَ. قالَ: فهل يرتدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لدينِهِ بعد أن

يَدْخُلَ فيه؟ قلتُ: لا. قالَ: فهلْ يَغْدِرُ؟ قلتُ: لا، ونحنُ الآنَ منهُ في مدةٍ، نحن نخافُ أن يَغْدِرَ (وفي روايةٍ: لا ندري ما هو فاعلٌ فيها) - قال أبو سفيانَ: ولم تُمْكِنَي كَلِمَةٌ ادْخِلُ فيها شيئاً أنتَقِصُهُ به لا أخافُ أن تؤثر عني غيرُها- قالَ: فهل قاتَلْتُموهُ وقاتَلَكُم؟ قلتُ: نعم. قالَ: فكيف كانت حَرْبهُ وحَرْبكُم؟ قلتُ: كانت دُوَلاً وسِجالاً؛ يُدال علينا المرة، ونُدالُ عليه الأخرى (وفي روايةٍ: ينالُ منا وننالُ منه).

قالَ: فماذا يأمرُكُم؟ قالَ: يأمُرُنا أنْ نَعْبُدَ اللهَ وحدَهُ لا نُشْرِكُ به شيئاً، وينهانا عما كان يعبُدُ آباؤنا، ويأمُرُنا بالصلاةِ، والصدَقةِ (وفي روايةٍ: والصدْقِ)، والعَفافِ، [والصلةِ]، والوفاءِ بالعهْدِ، وأداءِ الأمانةِ. فقالَ لتَرْجُمانِهِ حين قلتُ ذلك لهُ: قلْ لهُ: إني سألْتُكَ عن نَسَبِهِ فيكُم؟ فزَعَمْتَ أنهُ ذو نَسَبٍ، وكذلك الرسلُ تُبْعَثُ في نَسَبَ قومِها، وسألتُكَ: هل قالَ أحدٌ منكُم هذا القولَ قبلَهُ؟ فزعمْتَ أنْ لا، فقلتُ: لو


(٥٨) أي: ينقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>