للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بينَهما، وأرِحْ أحَدَهُما مِن الآخَرِ. فقالَ عمرُ: تَيْدَكُم (١٤) (وفي روايةٍ: اتَّئِدوا)، أنْشُدُكُم باللهِ الذي بإذنِهِ تقومُ السماءُ والأرضُ؛ هل تَعلمونَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

"لا نُورَثُ، ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ"؛ يريدُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: نفسَهُ؟ قالَ الرهطُ: قد قالَ ذلك. فأقبلَ عمرُ على عليٍّ وعباسٍ، فقالَ: أنْشُدَكُما اللهَ أتَعْلَمانِ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد قالَ ذلك؟ قالا: قد قالَ ذلك. قالَ عمرُ: فإنِّي أُحَدِّثُكُم عن هذا الأمرِ: إنَّ اللهَ قد خَصَّ رسولَهُ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيءِ بشيءٍ لم يُعْطِهِ أحداً غيرَهُ، ثم قَرَأ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ [فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ٦/ ١٩١]} إلى قوله: {قديرٌ}، فكانت هذه خالصةً لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [ثم] واللهِ ما احْتازَها دونَكُم، ولا استأثَرَ بها عليكُم، قد أعْطاكُمُوهُ، وبَثَّها فيكم حتى بقيَ منها هذا المال.

(وفي روايةٍ: كانت أموالُ بني النضيرِ مما أفاءَ اللهُ على رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، مما لم يوجِفِ المسلمونَ عليهِ بخيلٍ ولارِكابٍ، فكانَتْ لِرَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خاصةً ٦/ ٥٨)، فكان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ على أهلِهِ نَفَقَةَ (ومن طريق معمر: قال لي الثوريُّ: هل سمعتَ في الرجلِ يجمعُ لأهلهِ قوتَ سَنَتِهم، أو بعضَ السنةِ؟ قالَ معمر: فلم يَحْضُرْني، ثم ذكرتُ حديثاً حَدَّثَناه الزهريُّ عن مالك بن أوس عن عمرَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يبيعُ نخلَ بني النضيرِ، ويحبسُ لأهلِهِ قوتَ ٦/ ١٩٠) سَنَتِهِم من هذا المالِ، ثم يأخُذُ ما بقيَ، فيجْعَلُهُ مَجْعَلَ مالِ اللهِ (وفي روايةٍ: ثم يجعلُ ما بَقِيَ في السلاحِ والكُراعِ عُدَّةً في سبيلِ اللهِ)، فعَمِلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بذلك حياتَهُ،


(١٤) أي: اصبروا وأمهلوا وعلى رسلِكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>