للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم: مَنْ منع من ذلك مطلقًا، وقال: لا يجوز أن يُرَاد باللفظ المشترك أكثر من معنى واحد في حالة واحدة، لا لغة ولا وضعًا جديدًا.

ثم عند المجوِّزين لا فرق بين المفرد والمجموع، والمُثبَت والمنفي. ومنهم من فرَّق، وسيأتي في كلام المصنف في آخر المسألة إن شاء الله تعالى.

وهنا كلامان نَذْكُرهما قبل الخوض في الحِجاج:

أحدهما: أن هذا الخلاف في استعمال اللفظ المشترك في معنييه جارٍ في استعماله في مجازَيْه مثل أن يقول: والله لا أشتري. ويريد السوم، وشراء الوكيل (١)، كما صرح به الإمام أبو المظفر بن السمعاني (٢) في "القواطع" (٣) وغيرُه. وفي حقيقته ومجازه مثل: أن يُطْلِق النكاح ويريد به العقد والوطء جميعًا، وقد جرى الشافعي - رضي الله عنه - على منوالٍ واحدٍ فجوَّز


= على جميع معانيه - يدل على أن هذا الحمل خارج عن الوضع اللغوي. لكن قوله: "لا يمتنع ذلك مع قرينة متصلة مشعرة بذلك" فيه إشارة إلى جواز ذلك مجازًا؛ إذ القرينة أمارة المجاز، فلو صَرَّح كما صَرَّح الغزالي وأبو الحسين بأنه لا يمتنع ذلك إذا قصده ويكون خارجًا عن الوضع اللغوي - أمكن أن يُنسب له قولهما، لكن كلامه متردد، وهو إليهما أقرب.
(١) أي: يريد بقوله: "لا أشتري" سومَ الشراء، وشراءَ الوكيل، وكلاهما مجازان.
(٢) هو الإمام العلَّامة أبو المظفَّر منصور بن محمد بن عبد الجبار التميميّ السمعانيّ المروزيّ، مفتي خراسان، وشيخ الشافعية، وحيد عصره، وشافعي وقته. ولد سنة ٤٢٦ هـ. من مصنفاته: الاصطلام، البرهان، الأمالي، منهاج أهل السنة، وغيرها. توفي - رحمه الله - سنة ٤٨٩ هـ. انظر: وفيات ٣/ ٢١١، الطبقات الكبرى ٥/ ٣٣٥، سير ١٩/ ١١٤.
(٣) انظر: القواطع ٢/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>