للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد علمت بما (١) سبق أن الإيمان في الاصطلاح عبارة عن: تصديق الرسول عليه الصلاة والسلام بكل ما جاء به. وهذا مذهب الشيخ أبي الحسن رضوان الله عليه (٢).

وقال أكثر السلف وعليه بعض المعتزلة والخوارج: إنه تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان.

وفيه مذاهب أخر كثيرة ليس هذا محلها (٣)، ورام السهيلي التفرقة (٤) بين الإيمان والتصديق من وجهين قررهما:

أحدهما: أن التصديق لا بد وأن يكون في مقابلةِ خبرٍ صادقٍ، وقد


(١) في (ت): "مما".
(٢) وهو مذهب جمهور الأشاعرة والماتريدية، والمراد بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم عندهم: هو الإذعان لما جاء به والقبول له، وليس المراد وقوع نسبة الصِّدْق إليه في القلب من غير إذعان ولا قبول، حتى يلزم الحكم بإيمان كثير من الكفار الذين كانوا يعرفون أحقية نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم، ومصداق ذلك قوله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}. انظر: شرح الجوهرة ص ٦٧، البيت رقم (١٨)، تبصرة الأدلة للنسفي ٢/ ٧٩٩.
(٣) انظر: شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٧٣، فتح الباري ١/ ٤٦، وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى الفرق بين مذهب السلف والمعتزلة والخوارج في تعريف الإيمان مع اتحادهم في التعريف فقال: "فالسلف قالوا: هو اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان. وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط في كماله، ومن هنا نشأ لهم القول بالزيادة والنقص. . . والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطًا في صحته، والسلف جعلوها شرطًا في كماله".
(٤) في (ت)، و (غ): "التفريق".

<<  <  ج: ص:  >  >>