للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منتسِبٌ إلى مَنْ ينتسب إليه حقيقة (١). ولهذا اخترنا التمثيل لهذا النوع بآي الكتاب العزيز، فإن الأبيات التي تذكر، والأمثلة التي تُورد جاز أن يكون قائلها (٢) دهريًا، على أن البيت المذكور في الكتاب للصَّلَتان العبدي وهو مسلم وفي قصيدته التي هذا البيت منها ما يدل على ذلك، وبهذا القيد ينفصل عنه الكذب أيضًا؛ لأن الكاذب لم يُسْنِد الأثر إلى ما أسنده لمشابهة ذلك الإسنادِ إسنادًا آخر الذي هو أصلي، بل إما لأنه أصلي عنده (٣)، أو وإن لم يكن كذلك إلا أنه لم (٤) يلاحظ الملاحظة.

والملاحظة قد تكون بأن يَخْتَصَّ الشيءُ بأثرٍ، بأن يوجد الأثر عند وجوده، وينعدم عند عدمه، وهو غير صادر عنه (٥)، لكن الله تعالى أجرى العادة بأنْ يُوجِده عند وجوده، ويُعْدِمه عند عدمه، كنبات البقل مع الربيع.

أو بأن يُوجَد عند وجوده، وإن لم ينعدم عند عدمه، كالهلاك مع أكل السم في قولهم: أهلكه السم (٦).

أو بأن يكون الشيءُ سببَ السبب، كقولهم: كسا الخليفةُ الكعبة (٧)،


(١) أي: الدهري يعتقد ذلك القول حقيقة، وأن الفاعل الحقيقي لإنبات البقل هو الربيع.
(٢) في (ص)، و (ك): "قائلهما".
(٣) أي: إما لأن هذا الإسناد أصلي عند الكاذب.
(٤) سقطت من (ت).
(٥) قوله: وهو (أي: الأثر) غير صادرٍ عنه (أي: عن الشيء).
(٦) سقطت من (ت). والمعنى واضح: وهو أن الهلاك موجود عند وجود السم، لكنه لا ينعدم عند عدم السم، فقد يكون الهلاك بشيء آخر.
(٧) فالخليفة لم يكسُ الكعبة، وإنما أمَرَ بكسوتها، فهو سبب السبب, لأن سبب =

<<  <  ج: ص:  >  >>