للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق العلم والقدرة فيه.

قلتُ: هذا مِنْ خرق العادات التي لا تكون إلا في زمن النبوة لقصد التحدي لا في عموم الأوقات، وهذا لم يكن للتحدي.

قال الشيخ أبو إسحاق في "شرح اللمع": "واستدل أبو العباس بن سريج على أبي بكر بن داود بقوله تعالى: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} (١) فقال: الصلوات لا تُهْدم وإنما أراد به مواضع الصلوات، وعَبَّر بالصلوات عنها على سبيل المجاز، فَحَذَف المضاف وأقام المضاف إليه مقامَه" (٢)، قال: "فلم يكن له عنه جواب" (٣).

ومَنْ أنصف من نفسه، ونفى العصبية عن كلامه، أقر بأن القرآن مشحون بالمجاز، وكيف لا وهو من توابع الفصاحة، وبدائع كلمات


(١) سورة الحج: الآية ٤٠.
(٢) قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في "زاد المسير" ٥/ ٤٣٧: "وفي المراد بالصلوات قولان: أحدهما مواضع الصلوات. ثم فيها قولان: أحدهما: أنها كنائس اليهود، قاله قتادة والضحاك، وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: قوله: "وصلوات" هي كنائس اليهود، وهي بالعبرانية "صلوثا". والثاني: أنها مساجد الصابئين، قاله أبو العالية. والقول الثاني: أنها الصلوات حقيقة، والمعنى: لولا دفع الله عن المسلمين بالمجاهدين، لانقطعت الصلوات في المساجد، قاله ابن زيد". وانظر: التفسير الكبير ٢٣/ ٤١. قلت: حمل "الصلوات"، على الحقيقة كما قال ابن زيد رحمه الله تعالى لا يمنع القول بالمجاز؛ لأن الهدم لها متأول بالانقطاع، لا بحقيقة الهدم، فحقيقة الهدم: إزالة الموجود، وحقيقة الانقطاع: عدم الوجود، وفرق بينهما. والله أعلم.
(٣) انظر: شرح اللمع ١/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>