للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَرَّز في طلب العلم حتى أسكت لسانَ كلِّ متكلِّم، وأمات ذِكْر كلِّ متقدِّم، وأحيا إمامة الشافعيِّ بنشر مذهبِه، ونَصْرِ ذي النسب القرشيِّ في عَلْياء رُتَبِه. . . . .

لا تَرِد الهِيمُ (١) إلا حياضَه، ولا يَعِدُ النسيمُ إلا رياضَه (٢)، حتى تَفَردَّ والزمانُ بعدد أهله مشحون، والعصر بمحاسن بنيه مفتون. . . . .

وانتهت إليه مَشْيَخةُ دار الحديث بالاستحقاق فَوَلِيَها، وعُرِضَتْ عليه أخواتُها فما رَضِيَها. . . . .

وهذا هو اليومَ - والله يُبْقيه - خيرُ مَنْ أظلَّتْه خَضْراؤُها، وصَغُرت لدى قَدْرهِ الجليلِ كبراؤُها، قد ملك قلوبَ أهلها المتباينة، وساق بعَصاه سَوَائِم شُرُدِها (٣) المتعاصِيَة، واستَوْسَق به أمرُ الشام لعليٍّ (٤)، وكان لا يُطيع إلا معاوية. انتهى (٥).


(١) أي: الإبل العطاش. انظر: لسان العرب ١٢/ ٦٢٧، مادة (هيم).
(٢) رِيَاض: جمع رَوْضه، وهي الأرض ذات الخضرة، والبستان الحسن.
انظر: لسان العرب ٧/ ١٦٢، المصباح ١/ ٢٦٣، مادة (روض) والمعنى: أن النسيم لا يأتي ولا يَرِد إلا إليه؛ لأنه لم يَعِدْ أحدًا غيرَه بالمجيء إليه.
(٣) شُرُد: جمع شَرُود، مثل زَبُور وزُبُر.
انظر لسان العرب ٣/ ٢٣٧، مادة (شرد).
(٤) أي: اجتمع أهل الشام على طاعة علي - رضي الله عنه - بسببه. انظر: لسان العرب ١٠/ ٣٨٠، مادة (وسق) وهذا والله أعلم إشارة إلى رَفْضٍ النَّصْب وإزالته عن الشام، والنَّصْب: هو بُغض علي - رضي الله عنه - وآله، وكان منتشرًا بالشام.
(٥) أي: كلام ابن فضل الله العُمَري، رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>