للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أمثلته: أن يقول الشافعي: الفاتحة ركن في الصلاة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل صلاة لم يُقرأ فيها بأم القرآن فهي خِدَاج" (١) (٢)، ولفظ الصلاة في عرف الشرع منقول إلى (٣) العبادة المخصوصة، فوجب أن تكون الفاتحة ركنًا.

فيقول الحنفي: مذهب القاضي أن الشرع لم ينقل شيئًا من الألفاظ، بل الصلاة مشتركة بين الدعاء وبين التابعة، ومشه سُمِّي الثاني في حَلْبة السِّبَاق مُصَلِّيًا؛ لكونه تابعًا لِصَلَوَي (٤) الذي قبله. وسميت هذه العبادة صلاة لما فيها من المتابعة للأئمة غالبًا. وإذا كانت مشتركة كانت


(١) الخدَاج: النُّقْصَان. يقال: خَدَجَت الناقة إذا ألقتْ ولدَها قبل أوانِه وإن كان تامَّ الخَلْق. وأخْدَجَتْه إذا ولدتْه ناقص الخَلْق وإن كان لتمام الحمل وإنما قال في الحديث: "فهي خِدَاج"، والخِدَاج مصدر - على حذف المضاف، أي: ذات خداج، أو يكون قد وَصَفَها بالمصدر نفْسِه مبالغة كقوله: فإنما هي إقبالٌ وإدبارٌ، أي: مُقْبِلة مدبرة. ومثله قولهم: عبدُ الله إقبالٌ وإدبارٌ، أي: مُقْبِلٌ وَمُدْبِرٌ، انظر: النهاية لابن الأثير ٢/ ١٢، لسان العرب ٢/ ٢٤٨، مادة (خدج).
(٢) أخرجه أحمد ٢/ ٢٤١، ٤٦٠. ومسلم ١/ ٢٩٦، في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، حديث رقم ٣٩٥. وابن حبان ٥/ ٨٤، ٩٠، حديث رقم ١٧٨٤، ١٧٨٨.
(٣) سقطت من (ت).
(٤) أي: جانِبَيْ أصل ذَنَب الفرس. وفي المصباح ١/ ٣٧١، مادة (صلى): "والصلا وزان العصا: مَغْرز الذَّنَب من الفرس، والتثنية صلوان، ومنه قيل للفرس الذي بعد السابق في الحلبة المُصَلِّي؛ لأنَّ رأسه عند صَلا السابق". وفي اللسان ١٤/ ٤٦٦: "قال أبو عبيد: وأصل هذا في الخيل، فالسابق الأول، والمصلِّي الثاني، قيل له مُصَلٍّ لأنه يكون عند صَلا الأول، وَصَلاهُ جانبًا ذنبه عن يمينه وشماله".

<<  <  ج: ص:  >  >>