للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعمال في دلالته على الحقيقة على الاشتقاق في دلالته عليها (١)؛ وذلك لأن الظاهر أن الجوهري إنما أخذ أن الحليلة: هي الزوجة - من استعمال العرب، والاستعمال أعم مِنْ أن يكون على سبيل الحقيقة أو المجاز. ونحن دللنا باشتقاق لفظ "الحليلة" المُقْتَضِي لما هو أعم من الزوجة، فليكن (٢) أرجح لبعد الخطأ فيه. والأول (٣) أيضًا باطل؛ لأنه يلزم منه الاشتراك.

فإن قلت: لو لم يكن مشتركًا، بل كان حقيقة فيما ذكرتم (٤) مجازًا فيما ذكرنا (٥) - لزم الإضمار؛ لأن جارية الابن لا تحرم على الأب على التأبيد بالإجماع، بل ما دامت مملوكة، والآية إنما سيقت لبيان المحرمات على التأبيد، فلا بد من إضمار ما يصح به تحريم جارية الابن لا على التأبيد؛ لجواز أن يقال: وحلائل أبنائكم بالنكاح، وبملك اليمين ما دامت حليلتهم (٦). والإضمار أيضًا خلاف الأصل، فوقع التعارض بين الاشتراك


(١) أي: إذا جعلنا إطلاق الحليلة على الجارية مجازًا، وعلى الزوجة حقيقة - فإنه يلزم منه ترجيح الاستعمال في دلالته على الحقيقة، على الاشتقاق في دلالته على الحقيقة؛ لأن كلمة الحليلة مشتقة من الحِلِّ، وهذا شامل للزوجة والجارية، فجَعْلُ الحقيقة موافقةً للمعنى المشتق منه أولى وأرجح مِنْ جعلها موافقة للاستعمال فقط، فكان قول الشافعية أولى.
(٢) أي: فليكن تدليلنا بالاشتقاق.
(٣) وهو أن يكون قولكم وقولنا حقيقة.
(٤) وهم الحنفية الذين يقصرون الحليلة على الزوجة.
(٥) وهم الشافعية الذين يجعلون الحليلة للزوجة والجارية، والمعنى: إن جعلنا إطلاق الحليلة على الجارية مجازًا.
(٦) قوله: "ما دامت حليلتهم" هو الإضمار الذي يصح به تحريم جارية الابن لا على التأبيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>