للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ وَلِيَها إلا بعد أن كتب خطه وأشهد على نفسه: بأنه أشعريُّ العقيدة.

واتسع الخَرْق في هذا، فجمع ملك الأمراء الأمير علاء الدين ألْطُنْبُغا نائبُ الشام إذ ذاك - العلماءَ، فلما استشار الشيخَ الإمام - أشار بالذهبي.

فقام الصائح بين الشافعية والحنفية والمالكية، وتوقَّفوا فيه أجمعون، وكان من الحاضرين الشيخ نجم الدين القَحْفازيُّ (١) شيخ الحنفية، فقال له الشيخ الإمام: أَيْشَ تقول؟ فقال:

وإليكُمُ دارُ الحديث تُسَاقُ

أبْدلَ "هذا" بـ "دار".

فاستحسن الجماعة هذا منه، ودار إلى مَلِك الأمراء، وقال: أعْلَمُ الناس اليوم بهذا العلمِ قاضي القضاة، والذهبيُّ، وقاضي القضاة أشعريٌّ قطعًا، وقطع الشك باليقين أولى.

فَوَلِيَها الشيخ الإمام، ولم يكن مختارًا ذلك، بل كان يكرهه، وقام من وقته إلى دار الحديث، وبين يديه الذهبي وخَلْق، فروى بسنده من طرقٍ شتى منه إلى أبي مُسْهِر - حديثَ "يا عبادي"، وتكلم على رجاله ومُخَرِّجه، بحيث لم يسع المجلسُ الكلامَ على أكثرَ من رجال الحديث


(١) هو علي بن داود بن يحيى بن كامل الزبيري، القرشي الأسدي، من نسل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما, ولد سنة ٦٦٨ هـ. كان شيخ أهل دمشق في عصره، خصوصًا العربية. قال الذهبي: "كان من أذكياء وقته، مع الديانة والورع". لم يصنف إلا مَنْسكًا للحج خشية من الانتقاد عليه في التصنيف. توفي سنة ٧٤٥ هـ. انظر: الدرر ٣/ ٤٧، بغية الوعاة ٢/ ١٦٦، الجواهر المضية ٤/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>