للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم. وقبضتُ بالدراهم، أي: منها.

ثم إن المصنف تبعًا للإمام أيضًا شهد على النفي في مسألة "في" حيث قال: "ولم يثبت مجيئها للسببية" فليست شهادتهما في لغة العرب على النفي أولى بالقبول من شهادة أبي الفتح ابن جني وصاحب "البسيط"، معاذَ اللهِ أن يكون ذلك، نعم كان الطريق في الرد على ابن جني أنْ يُعْرَض عليه مواضعُ من كلامهم وَرَد ذلك فيها، كما في قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} (١) أي: منها. وقال عمر بن أبي ربيعة (٢):

فلثمتُ فاها آخِذًا بقرونها ... شُرْبَ النزيف ببرد ماءِ الحَشْرَجِ

وقال غيره:

شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأصْبَحَتْ ... زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ (٣)


(١) سورة الإنسان: الآية ٢٨.
(٢) هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزوميّ، من بني مخزوم، ويُكْنَى أبا الخطاب. ولد في الليلة التي قتل فيها عمر بن الخطاب رضي لله عنه، وهي ليلة الأربعاء لأربعٍ بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة. وكانت أمُّه نصرانية، ولم يكن في قريش أشعر منه، وكان فاسقًا يتعرَّض للنساء الحَوَاجِّ في الطواف وغيره مِنْ مشاعر الحجّ، ويُشَبِّب بهنَّ، فسَيَّره عمرُ بن عبد العزيز - رضي الله عنه - إلى الدَّهْلَك - وهي جزيرة في بحر اليمن بين اليمن والحبشة، بلدة ضيقة حرجة حارَّة - ثم خُتِم له بالشهادة. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: "فاز عمر بن أبي ربيعة بالدنيا والآخرة غزا في البحر فأحرقوا سفينتَه فاحترق"، وذلك في حدود سنة ٩٣ هـ. انظر: الشعر والشعراء ٢/ ٥٥٣، وفيات ٣/ ٤٣٦، معجم البلدان ٢/ ٤٩٢.
(٣) البيت لعنترة بن شَدَّاد، وهو في معلَّقته. انظر: شرح القصائد السبع الطوال لأبي بكر الأنباري ص ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>