للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة النص عليه هل هي لفظية أم قياسية؟ والذي عليه الجمهور أنها قياسية، قال الشيخ أبو إسحاق في "شرح اللمع": "وهو الصحيح؛ لأن الشافعي سماه القياس الجَلِيّ" (١).

وهذا الثالث أعني: مفهوم الموافقة - تارة يكون أولى بالحكم من المنطوق، كدلالة تحريم التأفيف من قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (٢) على تحريم الضرب وسائر أنواع الأذى الذي هو أبلغ من التأفيف.

وتارةً يكون مساويًا له، كدلالة جواز المباشرة من قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (٣) على جواز أن يصبح الرجل صائمًا جنبًا؛ لأنه لو لم يجز ذلك لما جاز للصائم مَدُّ المباشرة إلى طلوعِ الفجر، بل كان يجب قَطْعُها مقدارَ ما يَسَع فيه الغسلُ قبلَ طلوع الفجر.

وإنما ذَكَر المصنف مثالين ليُعْلم أنَّ مفهوم الموافقة قد يكون أولى بالحكم كالمثال الأول، وقد يكون مساويًا كالثاني، وهذا هو الصحيح (٤) المختار.

ومنهم من اشترط الأولوية في مفهوم الموافقة، وهو قضية ما نقله إمام الحرمين عن كلام الشافعي - رضي الله عنه - في "الرسالة" حيث قال في "البرهان": "نحن نَسْرِد معاني كلامِه في الرسالة" ثم قال: "أما مفهوم


(١) انظر: شرح اللمع ١/ ٤٢٤.
(٢) سورة الإسراء: الآية ٢٣.
(٣) سورة البقرة: الآية ١٨٧.
(٤) سقطت من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>