للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: أنه لو دلَّ لما كان حكم المنطوق به ثابتًا مع عدم الصفة، لكنه ثابت (١)، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} (٢) فإنَّ قتل الأولاد محرم في الحالتين (٣).

وأجاب: بأن هذا غير المدَّعَى؛ لأنا لم ندَّعِ أن مفهوم الصفة حجة إلا فيما إذا لم يظهر له فائدة أخرى كما تقدم، وهنا قد ظهرت له فائدة وهي خروجه مَخْرَج الغالب؛ لأن غالب أحوالهم أنهم لا يقتلون أولادهم إلا عند خشية الفقر. هذا جواب المصنف.

والحق أن هذا ليس مما نحن فيه؛ لأن دلالته على حرمة القتل عند انتفاء خشية الإملاق من باب الأولى، فهو من فحوى الخطاب لا من دليله (٤).

فإن قلت: هَبْ أن هذه الآية لا تدل لما ذكرناه، ولكن ثَمَّ آية أخرى مؤيدة له (٥) وهي قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (٦) فلو كان مفهوم الصفة حجة للزمكم القول بأنَّ لهم شفيعًا لا يطاع.

قلت: هذه الصفة لها فائدة أخرى غير التخصيص فلا تكون (٧) من محل


(١) فينتج أنه: لا يدل.
(٢) سورة الإسراء: الآية ٣١.
(٣) أي: سواء خشي أو لم يخشَ.
(٤) لأن الحكم في المسكوت أقوى منه في المنطوق، وشَرْط مفهوم المخالفة أن يكون الحكم في المسكوت أضعف من المنطوق.
(٥) سقطت من (ت).
(٦) سورة غافر: الآية ١٨.
(٧) في (ص)، و (ك): "فلا يكون". والمعنى على هذا الوجه: فلا يكون الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>