للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النزاع، وقد ذكر والدي أيده الله تعالى في تفسير هذه الآية ست فوائد لهذه الصفة:

إحداها: أنها الذي تتشوف إليه نفوسُ مَنْ يَقْصُد أن يُشْفع فيه (١)، فكان التصريح بنفيها نفيًا قطعًا لأطماع الظالمين وفطمًا لهم، ليقطعوا إياسهم؛ لأن مَنْ كان متشوفًا إلى شيء فَصُرِّح له بأنه لا يبلغه - كان أنكى له من أن يُدَلَّ عليه بلفظ عام شامل له أو مستلزم إياه (٢)، فلم يُقْصَد بهذه الصفة التخصيص، وإنما قُصد ما ذكرناه.

الثانية: أنَّ من الشفعاء من لا تُقبل شفاعته، فلا غرض فيه أصلًا. ومنهم مقبول الشفاعة وهو المقصود، فَنَصَّ عليه تحقيقًا لمَنْ قَصدَ نَفْيه، وهي صفة مُخَصِّصة، وقَدَّم هذا الغَرَض (٣) على ما يقتضيه مفهومُ الصفة من وجود غيره؛ لقيام الدليل على عدمه (٤). وهذه الفائدة مغايرة للأولى؛ لأن هذه في آحاد الشفعاء وتلك في صفة شفاعتهم (٥).


(١) أي: صفة "مُطَاع" تتشوف إليها نفوس الظالمين، الذين يقصدون أن يُشْفع فيهم.
(٢) كأن يقول: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ} بدون ذكر: يطاع.
(٣) وهو تحقيق نفي مقبول الشفاعة، أي: جَعْل نفي قبول شفاعته أمرًا محققًا قطعيًا لا شك فيه.
(٤) أي: لقيام الدليل على عدم مفهوم الصفة، فالظالمون الكافرون ليس لهم شفيع أصلًا، ولو فُرِض فلن يطاع.
(٥) أي: القصد بهذه الفائدة تحقيق نفي مقبول الشفاعة لو وقعت، وهي لا تقع. والقصد بالفائدة الأولى نفي صفة الشفاعة، أي: فليس هناك شفاعة مقبولة لهم، وليس هناك شفيع مقبول لهم، وهذا مع كون حصول الشفاعة في حقهم ممتنعة لكن الغرض قطع أملهم، وتحقيق يأسهم من حصول شفاعةٍ مطاعةٍ أو شفيعٍ مطاع في حقهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>