للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصرح وأحسن.

وأما مغايرته للإرادة والخلاف فيه مع المعتزلة (١): فلوجهين:

أحدهما: أن الإيمان من الكفار مطلوب بالإجماع، ومنهم مَنْ أخبر الله تعالى بأنه لا يؤمن، فكان إيمانه ممتنعًا؛ لإخبار الله تعالى بعدمه، كما عرفت في مسألة تكليف المحال. والممتنع لا يكون مرادًا لله تعالى؛ لأن الإرادة: صفةٌ مخصِّصة لحدوث الفعل بوقت حدوثه (٢). والشيء إذا لم يوجد لكونه ممتنعًا امتنعت إرادته؛ لعدم تخصُّصه (٣) بوقتِ الحدوث، ويلزم من هذا مغايرة الطلب - الذي هو مدلول الأمر - للإرادة؛ لتحققه دونها.

هذا تقريره وهو ضعيف؛ لأنَّ حاصلَه الاستدلال على عدم الإرادة بعدم الوقوع، وذلك مصادرة على المطلوب (٤).


(١) المعتزلة يقولون بأن الأمر هو الإرادة، قال الإسنوي: "والحاصل أن الأمر اللساني قال على الطلب بالاتفاق، لكن الطلب عندنا غير الإرادة، وعندهم عينها، أي: لا معنى لكونه طالبًا إلا كونه مريدًا، والتزموا أن الله تعالى يريد الشيء ولا يقع، ويقع وهو لا يريده". نهاية السول ٢/ ٢٤٢، ٢٤٣.
(٢) في شرح الجوهرة ص ١٠٨: "الإرادة لغة: مطلق القصد، وعرفًا: هي صفة قديمة زائدة على الذات، قائمة بها، تخصِّص الممكن ببعض ما يجوز عليه على وفق العلم. ومما يجوز على الممكن: الوجود أو العلم، وكونه في زمن مضى أو في زمن حاضر، أو في زمن مستقبل، وكونه أسود أو أبيض مثلًا، وكونه طويلًا أو قصيرًا، وفي جهة المشرق أو المغرب مثلًا".
(٣) في (ك): "تخصيصه".
(٤) لأن محل النزاع هو أن الممتنع الوقوع هل يكون مرادًا، كما يكون مأمورًا به، أو لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>