للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخصَّص (١) ببعض الأوقات شرعًا أو عقلًا، ومثل هذا غير واقعٍ في الشرع، ولو وقع (٢) لالتزم الخصمُ وقوعَ النسخ. وأما إذا كان الأمر الثاني مخصوصًا ببعض الأوقات فلا يلزم منه نسخ الأول بل تخصيصه، ولا امتناع في ذلك، على أنه غير واقع على الوجه المفروض (٣).

قال: (قيل (٤): تمسك الصديق - رضي الله عنه - على التكرار بقوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}، ولم يُنْكَر عليه. قلنا: لعله عليه الصلاة والسلام بَيَّن تكراره. قيل: النهي يقتضي التكرار فكذا الأمر. قلنا: الانتهاء أبدًا ممكن (٥) دون الامتثال. قيل: لو لم يتكرر لم يرد النسخ. قلنا: وروده قرينة التكرار).

احتج مَنْ ذهب إلى أنَّ الأمر يفيد التكرار بثلاثة أوجه:

أحدها: أن أبا بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - تمسك على أهل الردة في (٦) وجوب


(١) في (ك): "مختص".
(٢) أي: لو وقع الثاني مطلقًا غير مخصَّص.
(٣) فهذا ردٌّ جدلي؛ لأن الخصم سلَّم أن الأمر الأول للتكرار المستوعب لجميع الأوقات بشرط الإمكان، ولكن لم يسلم مع ذلك وقوع النسخ؛ لأن الأمر الثاني لا بد أن يكون مُخَصَّصًا ببعض الأوقات غير مطلق، فيكون الأمر الثاني مخصِّصًا للأول لا ناسخًا، وكذا كل الأوامر التي تكون بعد الأمر الأول المستوعب لجميع الأوقات، هي مُخَصِّصات للأول لا ناسخة وهذه الصورة المفروضة غير واقعة؛ لأنه ليس هناك أمر مستغرق لجميع الأوقات، بل لا بد أن يقيده الشرع أو العقل، فدعوى النسخ ودعوى التخصيص فرضيتان لا حقيقيتان. انظر: نفائس الأصول ٣/ ١٢٩٣.
(٤) سقطت من (ص).
(٥) في (ت) و (غ): "يمكن".
(٦) في (ص): "من". وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>