للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقياس، وليس بصحيح. سَلَّمنا صحته، لكنا (١) لا نسلم أن النهي يقتضي التكرار، بل هو على وَزَان الأمر. سلمنا أنه يقتضي التكرار، لكن مقتضى الأمر إيجاد (٢) المأمور به، وذلك يصدق بمرةٍ واحدة، بخلاف النهي فإنه لما كان مقتضاه الكفَّ عن المنهي عنه لم يتحقق ذلك إلا بالامتناع المستمر.

وثالثها: أنه لو لم يدل على التكرار ودَلَّ على المرة لم يرد النسخ؛ لأن وروده إما بَعْدَ فِعْلِها وذلك محال؛ إذ لا تكليف (٣). وإما قبله وهو يدل على البداء، أي: ظهور المصلحة بعد خفائها، وذلك محال على الله سبحانه وتعالى، وورود النسخ جائز فدل على أنه للتكرار.

والجواب: أن النسخ لا يجوز وروده عليه، فإنْ ورد صار ذلك قرينة في أنه كان المراد به (٤) التكرار، وحَمْلُ الأمر على التكرار لقرينةٍ جائز (٥) (٦).


(١) في (ص): "لكن".
(٢) في (ت)، و (ص): "اتحاد". وهو خطأ.
(٣) أي: لا تكليف بعد فعل المأمور به مرةً واحدة؛ لأن المرة الواحدة المأمور بها قد تحققت فلا يمكن نسخها.
(٤) سقطت من (ت).
(٥) ذكر هذا الجواب الإمام في المحصول ١/ ق ٢/ ١٧٦، وللإسنوي على هذا الجواب ثلاثة اعتراضات، انظرها في نهاية السول ٢/ ٢٨٠.
(٦) ظاهر هذا الجواب أن معرفة التكرار إنما حصلت بورود النسخ، فيلزم من هذا أن يكلف بالتكرار من غير علمٍ به؛ إذ العلم حاصل بعد ورود النسخ، وهذا باطل. وهذا أحد اعتراضات الإسنوي الثلاث. ولعل الأقرب أن يقول: فإن ورد النسخ صار ذلك دليلًا في أن المراد بالأمر التكرار. أي: الظن الحاصل بالقرينة السابقة للنسخ، أصبح يقينًا بالنسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>