للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: افعل، من غير ضميمةٍ، هذا كُلُّه كلام ابن الجزري، وفيه نظر يحتاج إلى تطويل.

وقال التبريزي: التمسك على الفور بطريقة الاحتياط ضعيف؛ لأن الاحتياط ليس من أمارات الوضع (١)، ولا من مقتضيات الوجوب (٢)، بل هو من باب الأصلح (٣). ثم قوله: افعل الآن - يُعَدُّ تأكيدًا (٤)، وفي أي وقت شئت - يعد تخفيفًا ومسامحة (٥) (٦).

قال القرافي: ويَرِد عليه أن ها هنا قاعدةً خفيةً عادةُ الفضلاء يُوردون بسبب إهمالِها سؤالًا، فيقولون في كل ما يقول المستدل فيه: هذا أرجح، فيجب المصير إليه: إنَّ الرجحان يقتضي أنه أحسن، أما أنه المتعيِّن فلا (٧)، بل الندب هو اللازم في هذه المواطن التي فيها الرجحان بالاحتياط (٨)، ونحو ذلك؛ إذ فعل الأحسن مستحب ولا يصل إلى الوجوب، قال:


(١) أي: ليس الاحتياط من القرائن اللفظية التي تحدد معنى اللفظ ودلالته.
(٢) أي: الاحتياط لا يقتضي الوجوب، وإلا لأصبح كلُّ مُخْتَلَفٍ فيه واجبًا، وهذا باطل.
(٣) يعني: الأفضل والأصلح لدين المكلف أن يحتاط، ولذلك قالوا: الخروج من الخلاف مستحب، من جهة كون الخروج من الخلاف أسلم وأصلح لدين المكلف.
(٤) يعني: قوله: "افعل" يفيد الفورية بنفسه، وقيد "الآن" لا يدل على معنى جديد، بل يؤكِّد المعنى الأول.
(٥) يعني: فهذا القيد مخالفٌ لمقتضى "افعل"، فيكون نوعًا من التخفيف.
(٦) انظر: نفائس الأصول ٣/ ١٣٣٤.
(٧) يعني: فالفورية أحسن، لا أنها مُتعيِّنة.
(٨) وعلى هذا فنحمل الفورية على الندب لا على الوجوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>