للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضي الوجوب، فالمختار أن النهي المجرد عن القرينة يقتضي التحريم.

واعلم أنه إذا ثبت أن الأمر للوجوب والنهي نقيضه - فلا يثبت أن النهي للتحريم، بل أنه ليس للوجوب؛ لأن نقيض الوجوب لا وجوب، ولما كان في الرأي المختار زيادة على ذلك، وهو أن النهي للتحريم - استدل عليه بقوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١)، ووجه الاحتجاج: أنه أمر بالانتهاء عن المنهي، والأمر للوجوب، فكان الانتهاء عن المنهي واجبًا، وذلك هو المراد من قولنا: النهي للتحريم.

ولقائل أن يقول: هذا أولًا لا يتم إلا بعد تسليم أن الأمر (٢) للوجوب، وثانيًا: أن التحريم حينئذ لا يكون مستفادًا من صيغة النهي، بل بما دَلَّ مِنْ خارجٍ وهو قوله: {فَانْتَهُوا}، بل قد يقال: لو كان النهي للتحريم (لما احتيج إلى الأمر باجتناب المنهي عنه، فكان الأمر بذلك دليلًا على أن التحريم) (٣) غير مكتسب منه. وبهذا يظهر لك أن التحريمَ مستفادٌ من الشرع لا مِنَ اللغة، ولم ترد الصيغة المطلقة من حيث اللغة على تضمن جَزْم الاقتضاء في الانكفاف عن المنهي عنه، كما قدمناه في الأمر إذا قلنا: الصيغة المطلقة تتضمن جزم الاقتضاء في المأمور به (٤)، وهذا هو مذهب إمام


= هو المقيس عليه، والخلاف في النهي مقيس، كما هو واضح.
(١) سورة الحشر: الآية ٧.
(٢) سقطت من (ت).
(٣) سقطت من (غ).
(٤) المعنى: أننا إذا قلنا بأن الصيغة المطلقة في الأمر تتضمن جَزْمَ الاقتضاء في المأمور به - فليس لنا أن نقول: الصيغة المطلقة في النهي تتضمن جزم الاقتضاء في الانكفاف =

<<  <  ج: ص:  >  >>