للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشارة إلى المذكور وهو قول ذي اليدين: "أقُصِرَت الصلاة أم نسيت"، فالمذكور: القَصْر والنسيان، وعاد اسم الإشارة المُفْرد عليه، فيفيد نفي كل واحد؛ لأن دلالةَ العموم إذا أضيفت "كُلٌّ" إلى مفردٍ نكرةٍ أو معرفةٍ نَصٌّ في كل واحدٍ؛ لما سبق. وههنا التقدير: كل المذكور لم يكن. وهو مفرد، فلذلك لا يحتمل نفي المجموع فقط، ولو كان موضعه جَمْعٌ مُعَرَّف (١) لاحتمل نفيَ كلِّ واحدٍ ونَفْيَ المجموع، وإن كان الأظهر نَفْيَ كُلِّ واحدٍ، لما سبق. (ونظير ذلك) (٢) مما (٣) يفيد نَفْيَ كل واحدٍ قولُ الشاعر:

قد أصْبَحَتْ أمُّ الخيار تَدَّعِي ... عَليَّ ذنبًا كُلُّه لم أصْنعِ (٤)

فمدلوله أيضًا نَفْيُ كل واحد، ويُعَبَّر عن هذا بعموم السلب، أي: السلب عام لكل الأفراد، وسببه ما قلناه من أنه حكم


(١) أي: لو كان محلَّ هذا المفرد جمعٌ مُعرَّف.
(٢) سقطت من (ت).
(٣) في (ت): "فيما".
(٤) البيت لأبي النجم العجلي، الفضل بن قُدَامة. وهو أحد رُجَّاز الإسلام المتقدمين في الطبقة الأولى. قال أبو عمر بن العلاء: "هو أبلغ من العجَّاج في النعت" يقصد العجَّاجَ الراجز عبد الله بن رؤبة. انظر: خزانة الأدب ١/ ١٠٣، ٣٥٩، الشعر والشعراء ٢/ ٦٠٣. وأمُّ الخيار: هي زوجة أبي النجم. ومعنى البيت: أن هذه المرأة أصبحت تدَّعي عليّ ذنبًا، وهو الشيب والصَّلَع والعجْز وغير ذلك من مُوجبات الشيخوخة. ولم يقل: ذنوبًا، بل قال: ذنبًا؛ لأن المراد كِبَر السن المشتمل على كلِّ عيب، ولم أصنع شيئًا من ذلك الذنب. انظر: خزانة الأدب ١/ ٣٦٢، ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>