للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: ما يحصل به البينونة مع إمكان الرد بغير محلِّل، وهو إذا كان بعوض (١).

ومنها: ما يحصل به البينونة الكبرى، وهو الثلاث.

فهذه مراتب وليس أفرادًا. ولكن إذا قال: أنت طالقٌ ثلاثًا - فقد استوعب جملة الطلاق. فإذا لم يذكر الثلاث، ولا نواها - لم يُحمل إلا على أقل المراتب؛ لأن الألف واللام لا دلالة لها على قوة مرتبةٍ أو ضعفها، فلا تُحْمَل (٢) إلا على الماهية، وليست آحاد المراتب بمنزلة آحاد العموم، حتى نقول بالاستغراق (٣).

وأيضًا فلو قال القائل: العتق يلزمني، أو المشي إلى مكة. ونحو ذلك، وقلنا: يجب عليه الوفاء - لم يلزمه إلا المسمى (٤). فكذلك هذا (٥). قال:


(١) هذا هو الخلع: وهو فُرْقة بعِوَض بلفظ طلاق أو خلع. والأصح عند الشافعية أن الفرقة بلفظ الخلع طلاق يُنقص العدد إن قلنا بصراحته أو نواه، وفي قول للشافعي رضي الله عنه نصَّ عليه في القديم والجديد: الفرقة بلفظ الخلع أو المفاداة إذا لم يقصد به طلاقًا فسخ لا يُنْقص عددًا، فيجوز تجديد النكاح بعد تكرره من غير حصر. أما الفرقة بلفظ الطلاق بعوض فطلاق يُنقص العدد قطعًا. انظر: نهاية المحتاج ٦/ ٣٨٦، ٣٩٧. وانظر: بداية المجتهد ٢/ ٦٩، ملتقى الأبحر ١/ ٢٨٠، شرح منتهى الإرادات ٣/ ١٠٩.
(٢) أي: الألف واللام.
(٣) يعني: لو كانت آحاد المراتب في الطلاق كآحاد العموم - لقلنا بأن الألف واللام للاستغراق لتشمل جميع تلك المراتب، ولكن لما كانت هذه المراتب متباينة عن بعضها ولا يمكن أن تشملها دلالة الاستغراق - جعلنا الألف واللام للدلالة على الماهية، فيحمل لفظ "الطلاق" على الماهية المتحققة بأقل مرتبة.
(٤) أي: الوصول إلى مكة دون المشي بالأقدام، وكذلك العتق يتحقق بأيِّ عبدٍ كان، أعمى أو بصير أو قوي أو ضعيف، فالمقصود حصول العتق، والوصول إلى مكةً؛ لأن الألف واللام في قوله: "العتق"، أو "المشي" ليس إلا للماهية المتحققة بأي صُورة أو فرد.
(٥) أي: فكذلك الطلاق المعرَّف لا يلزمه فيه إلا مسمى الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>