للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب: بأن ما ذكرتموه منقوض بالاستثناء من العدد فإنه يجوز (١). وهذا الجواب أولًا ضعيف؛ لأن للخصم أن يمنع صحة الاستثناء من العدد كما هو أحد المذاهب للنحاة وصححه ابن عصفور.

وثانيًا: لا يُحتاج إليه؛ لأنه لم يَدَّعِ وجوب الاندراج مع كونه مستثنى، وإنما ادعاه عند عدمه (٢) ولهذا قال: ما يجب اندراجه لولاه، وعلى هذا الفرض فالمستثنى ليس داخلًا في المستثنى منه نيةً وإنما هو داخل لغةً؛ لأن المختار أن الحكم على المستثنى منه إنما هو بعد إخراج المستثنى فلا تناقض (٣).

واعترض القرافي على الدليل بأن الاستثناء أربعة أقسام:


(١) ففي العدد نقول مثلًا: عندي عشرون درهمًا إلا واحدًا. فالعشرون نكرة، وجاء فيها اندراج كل الأفراد.
(٢) المعنى: أنه لا يحتاج إلى هذا الجواب (وهو النقض بالاستثناء من العدد وأنه جائز)؛ لأن الخصم لم يدع وجوب اندراج المستثنى في المستثنى منه في حالة الاستثناء، وإنما ادعى الاندراج في حالة عدم الاستثناء، فقولنا: جاء رجال إلا زيد، لم يدع فيه اندراج زيد في رجال حالة الاستثناء، بل قبل الاستثناء، والكلام فيه.
(٣) المعنى: أنه على هذا الفرض (وهو أن دخول المستثنى في المستثنى منه قبل الاستثناء) فإن المستثنى غير داخل في المستثنى منه في نية المتكلم، لكنه داخل من جهة اللغة، لأن المتكلم إذا قال: جاء القوم، فهو ينوى إخراج زيدٍ مثلًا، ولفظ القوم يفيد دخوله، فإذا استثنى زيدًا علمنا أن زيدًا لم يكن داخلًا في القوم لغة كما أنه غير داخل في نية المتكلم، أما كونه غير داخل لغة فلأن القاعدة أن الحكم على المستثنى منه إنما يكون بعد إخراج المستثنى، وعلى هذا فلا تناقض بين اللغة ونية المتكلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>