للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة يدل اللفظ فيها على معنى مُفْرد، والدلالة الإفرادية عليه قطعية؛ فلذلك لم يطلب المجاز (١). واحتمال التخصيص إنما هو في الثانية (٢). قال: ومن تأمل هذا الكلام عَلِم أنَّ إيرادَ الحقيقة على العام ساقط؛ لأن في العام حقيقة ومجازًا يشارك (٣) فيهما غيرَه لا يُتَوقف فيهما، وفيه تخصيص ينفرد به لا يوجد مثله في الحقيقة (٤). قال: وهذا نفيسٌ جدًا.

قلت: ونظيره على العكس قولنا: "لا رجلَ" بالفتح نَصٌّ في الاستغراق، وإنْ كان يحتمل (٥) المجاز؛ لإرادة: لا غلامَ


(١) أي: الدلالة الأولى الإفرادية: التي هي دلالة اللفظ على أصل معنى العموم (أي: كونه عامًا ليس بخاص) - قطعية، ولذلك لا تحتمل هذه الدلالة المجاز، فلا يُطلب ولا يُبحث عنه.
(٢) أي: الدلالة الثانية للعام: وهي الدلالة على استغراقه لأفراده كلها - ظاهرة ظنية تحتمل المجاز، أي: تحتمل أن تكون لغير معنى الاستغراق فلا تشمل جميع الأفراد، ومن ثَمَّ يدخلها التخصيص.
(٣) في (ص): "شارك".
(٤) المعنى: أن قياس العام على الحقيقة غير صحيح؛ لأن شرط القياس التساوي في العلة، والعام لا يساوي الحقيقة، وبيان ذلك أن العام فيه حقيقة ومجاز كما سبق بيانه، وهو من هذه الجهة كغيره من الألفاظ المشتملة على الحقيقة والمجاز، ولكن الذي ينفرد به العام ولا يوجد في غيره من الألفاظ هو تخصيصه ببعض أفراده، لأن غير العام لا يدل على أفرادٍ متعددة بالشمول، وعلى هذا فإلحاق حكم العام في العمل به قبل البحث عن المخصص، بحكم الحقيقة في العمل بها قبل البحث عن المجاز - غير سديد؛ لاختلافهما في الوصف.
(٥) في (ص): "محتمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>