للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (١) في الدليل نظر آخر: وهو أنه لا يلزم من اشتراك الشيئين من بعض الوجوه اشتراكهما في جميع الأحكام، واللغة لا تُثْبَت قياسًا، مع أنَّ الفرق ثابت؛ فإن الشرط متقدم على المشروط من جهة المعنى، وإنْ تأخر من جهة اللفظ، بخلاف الاستثناء فإنه مُؤَخَّرٌ من الجهتين (٢).

واحتج أبو حنيفة: بأن الاستثناء خلاف الأصل؛ لتنزله منزلة الإنكار بعد الإقرار كما سبق، وإذا كان على خلاف الدليل كان مرجوحًا، لكن خالفنا مقتضى الدليل في الجملة الأخيرة للضرورة؛ لأن الاستثناء غير مستقل، ولا يمكن إلغاؤه، وإنما جعلناه للجملة الأخيرة لأنها أقرب، فبقي ما عداها على الأصل.

أجاب: بأن هذا الدليل منقوض بالصفة والشرط، فإنهما عائدان إلى الكل مع وجود المعنى الذي قلتموه بعينه فيهما. وفي النقض بالصفة نظرٌ، فإن أبا حنيفة رحمه الله لا يقول بعودها إلى الجميع، بل هي عنده كالاستثناء في الاختصاص بالأخيرة، كما نقله عنه جماعة (٣)، فالأولى


(١) سقطت الواو من (ص).
(٢) أي: لو سلَّمنا جواز القياس في اللغة، فإن قياس الاستثناء على الشرط قياس مع الفارق؛ لأن رتبة الشرط التقديم، فهو وإن تأخر لفظًا لكنه مقدَّم تقديرًا؛ لأن له صدارة الكلام باتفاق النحاة، فيصح تعلقه بالأول؛ لأنه مقارن له تقديرًا، بخلاف الاستثناء فإنه مؤخر لفظًا ورتبة، فلا يتعلق إلا بما يليه، فقياسه على الشرط قياس مع الفارق. انظر: سلم الوصول ٢/ ٤٣٥، العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٤١.
(٣) انظر: فواتح الرحموت ١/ ٣٣٥، سلم الوصول ٢/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>